كتاب الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (اسم الجزء: 4)

وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: لَا يُشَمِّتُهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ قَتَادَةُ، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ فِي رَدِّ السَّلَامِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ يَمْنَعُهُ بَيْنَهُمَا أَنَّ رَدَّ السَّلَامِ فَرْضٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يَسْتَمِعُوا وَيُنْصِتُوا. وَفَرَّقَ عَطَاءٌ بَيْنَ الْحَالَيْنِ، فَقَالَ: إِذَا كُنْتَ تَسْمَعُ الْخُطْبَةَ فَارْدُدْ عَلَيْهِ السَّلَامَ فِي نَفْسِكَ، وَإِذَا كُنْتَ لَا تَسْمَعُهَا فَارْدُدْ عَلَيْهِ وَأَسْمِعْهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا لَمْ يَسْمَعِ الْخُطْبَةَ شَمَّتَ وَرَدَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ ". فَالْإِنْصَاتُ يَجِبُ عَلَى ظَاهِرِ السُّنَّةِ، وَإِبَاحَةُ رَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ غَيْرُ مَوْجُودٍ بِحُجَّةٍ، وَالَّذِي أَرَى أَنْ يَرُدَّ السَّلَامَ إِشَارَةً، وَيُشَمِّتَ الْعَاطِسَ إِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ خُطْبَتِهِ
ذِكْرُ شُرْبِ الْمَاءِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي الشُّرْبِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَرَخَّصَ فِيهِ طَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَنَهَى عَنْهُ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ -[74]- حَنْبَلٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ شَرِبَ فَسَدَتْ جُمْعَتُهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَلَا حُجَّةَ تَمْنَعُ مِنْهُ، وَالْوُقُوفُ عَنْهُ أَحْسَنُ فِي الْأَدَبِ

الصفحة 73