ثامناً: الإيمان بالقدر:
من الإيمان بالقدر الإيمان بعلم الله وخلقه ومشيئته، وقد نبه الله -عز وجل- على كمال قدرته في خلقه الأشياء المتنوعة المختلفة من الشيء الواحد وما فيها من التفاوت والفرق ما هو مشاهد معروف، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ} (¬1).
وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ} (¬2) وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (¬3)، وقال تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ} (¬4) وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (¬5).
فهذا"الاختلاف في أجناس الثمرات والزروع، في أشكالها وألوانها، وطعومها وروائحها، وأوراقها وأزهارها.
فهذا في غاية الحلاوة وذا في غاية الحموضة، وذا في غاية المرارة وذا عَفِص، وهذا عذب
¬__________
(¬1) فاطر: 27.
(¬2) معروشات: ما انبسط على وجه الأرض مثل البطيخ والكرم، وغير معروشات: ما قام على ساق مثل النخل، وقيل المعروشات ما أثبته ورفعه الناس، وغير المعروشات ما خرج في البراري والجبال من الثمار. انظر: تفسير القرطبي: 7/ 98، وتفسير ابن كثير: 3/ 347.
(¬3) الأنعام: 141.
(¬4) الصنوان: النخلات والنخلتان يجمعهما أصل واحد، وغير الصنوان المتفرق. انظر: تفسير القرطبي: 9/ 282.
(¬5) الرعد: 4.