هباء ثم ذهابها.
قال تعالى: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} (¬1) فصارت كالدقيق.
وفتتت فصارت أرضاً، وقيل نسفت (¬2)، كما قال تعالى: {يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا} (¬3).
وهو الرمل الذي تحرك أسفله فينهال عليك من أعلاه (¬4).
فتبقى الأرض مستوية لا حجر فيها ولا شجر ولا انخفاض ولا ارتفاع فهي ظاهرة مكشوفة جميعها للرائي (¬5).
هذا وصف، ثم يعطي سبحانه وتعالى وصفا آخر لما يحصل للجبال من عجائب قدرته تعالى وأن لا شيء وإن عظم بمستحيل مع قدرة الله تعالى فيقول -عز وجل-: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ} (¬6)، وقال تعالى في موضع آخر: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} (¬7) والعهن هو: الصوف المصبوغ ألوانا، المنفوش: النفش: مدك الصوف حتى ينتفش بعضه عن بعض (¬8).
هذه حال الجبال يوم القيامة وصفاتها المروعة بعد الصلابة والقوة والكبر والكثرة تصير بهذه الصفات ثم يذهبها الله تعالى حتى يصبح لا أثر لها.
قال تعالى: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} (¬9)، وقال تعالى: {وَإِذَا الْجِبَالُ
¬__________
(¬1) الواقعة: 5 - 6.
(¬2) انظر: تفسير القرطبي: 19/ 176، وتفسير ابن كثير: 8/ 305.
(¬3) طه: 105.
(¬4) انظر: تفسير القرطبي: 19/ 47، وتفسير ابن كثير: 8/ 256.
(¬5) انظر: تفسير القرطبي: 11/ 245.
(¬6) المعارج: 9.
(¬7) القارعة: 5.
(¬8) تفسير القرطبي: 20/ 165، وتفسير ابن كثير: 8/ 468.
(¬9) النبأ: 20.