كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 1)

قال الأَنْمَاطِيُّ (¬1)، وابن خيران (¬2): نعم، لأن للماء قُوَّتَيْنِ، ولم يستوف إلا إحداهما. وقال الأكثرون وهو الأصح: لا، كما أن المستعمل في الحدث الأصغر لا يستعمل في الأكبر، وبالعكس. ولا يقال: الماء له قوتان ولم يستوف إلا إحداهما, ويجري الوجهان في المستعمل في الخبث هل يستعمل في الحدث إذا فرعنا على أن المستعمل في الخبث طاهر غير طهور وهو المذهب على ما سيأتي، إن شاء الله تعالى- ولك أن تقول: إذا كان المستعمل في الخبث بحيث لا نحكم بنجاسته كان باقياً على أوصاف خِلْقَتِهِ وهو غير طهور على الظاهر، فيكون مستثنى مع المستعمل في الحدث عن الماء الباقي على أوصاف الخلقة فكيف ساغ للإمام -رضي الله عنه- أن يقول: "ولا يستثنى عنه إلا الماء المستعمل في الحدث".
المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذا جمع الماء المستعمل حتى بلغ قُلَّتَيْنِ، هل يعود طهورًا وجهان أحدهما يعود لأنه لو لم (¬3) يعد إلى الطهورية لقَبِلَ النجاسة، وقد، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لمْ يَحْمِلْ خَبُثاً" (¬4)، ولأن الماء النجس المتفرق إذا جمع ولا تغير يعود
¬__________
(¬1) أبو القاسم عثمان بن سعيد بن بشار، بفتح الباء وتشديد الشين المعجمة، الأنماطي كذا نسبه الشيخ أبو إسحاق. وقال المطوعي في كتابه: (المذهب في ذكر أئمة المذهب). اسمه عبد الله ابن أحمد بن بشار، قال ابن الصلاح: وقد وقع للعقادي هنا خبط سببه اشتباه هذا بشخص من رواة الحديث، يقال له أيضًا الأنماطي، فليعلم ذلك. والأنماطي: منسوب إلى الأنماط، وهي البسط التي تفرش، أخذ الفقه عن المزني والربيع وأخذ عنه ابن سريج، قال الشيخ أبو إسحاق: كان الأنماطي هو السبب في نشاط الناس بالأخذ بمذهب الشافعي في تلك البلاد. قال: ومات ببغداد سنة ثمان وثمانين ومائتين. زاد ابن الصلاح في (طبقاته) وابن خلكان في تاريخه أنه في شوال. انظر ترجمته في تاريخ بغداد 11/ 292، انظر طبقات الأسنوي 26، ابن قاضي شهبة 1/ 80، العبر 2/ 81، الشذرات 198/ 2، مرآة الجنان 215.
(¬2) أبو علي الحسين بن صالح بن خيران البغدادي كان إماماً جليلاً ورعاً، كان يعقب على ابن سريج في ولايته للقضاء ويقول: هذا الأمر لم يكن في أصحابنا، إنما كان في أصحاب أبي حنيفة، وطلب الوزير ابن الفرات بأمر الخليفة للقضاء، فامتنع فوكل ببابه، وختم عليه بضعة عشر يوماً حتى احتاج إلى الماء فلم يقدر عليه إلا بمناولة بعض الجيران، فبلغ الخبر إلى الوزير فأمر بالإفراج عنه وقال: ما أردنا بالشيخ أبي علي إلا خيرًا أردنا أن نعلم أن في مملكتنا رجلاً يعرض عليه قضاء القضاة شرقاً وغرباً وفعل به مثل هذا، وهو لا يقبل. توفي -رحمه الله- يوم الثلاثاء لثلاث عشرة بقيت من ذي الحجة، سنة عشرين وثلثمائة، كذا قال العسكري والشيخ أبو إسحاق. وقال الدارقطني: توفي في حدود العشر وثلثمائة، ومال إليه الخطيب، وقال ابن الصلاح في: (طبقاته) إن الأول أقرب، وقال الذهبي: إنه أصح. انظر ترجمته في الأسنوي 417، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 261، طبقات الشيرازي 110.
(¬3) في ط: وجهان أصحهما نعم، لأنه لم.
(¬4) رواه الشافعي وأحمد والأربعة والدارقطني، والبيهقي من رواية ابن عمر. وصححه الأئمة كابن =

الصفحة 14