كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 1)

أجابوا عنه بان غسل نجس العين غير معهود، أما غسل الطاهر مَعْهُودٌ فِي حَقِّ الجُنُبِ، والمحدث، على أن الغرض منه تكريمه وإزالة الأَوْسَاخِ عنه.
وقال أبو حنيفة: يُنَجَّسُ بِالمَوْتِ ويطهر بالغسل، وهو خلاف القولين جميعاً.
الثالث: الحيواناتُ التي ليست لها نفس سائلة هل تنجس الماء إذا ماتت فيه؟ اختلف فيه قول الشافعي -رضي الله عنه- على قولين:
أحدهما: نعم، لأنها ميتة فتكون نجسة كسائر الميتات وإذا كانت نجسة نجس الماء بها كسائر النجاسات.
الثاني: وهو الأصح: لا، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذَا سَقَطَ الذُّبَابُ في إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَامْقُلُوهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِي الآخَرِ دَاءً، وإنَّهُ يُقَدِّمُ الدَّاءَ" (¬1) وقد يفضي المقل (¬2) إلى الموت سيما إذا كان الطعام حاراً، فلو نجس الماءُ لما أمر به.
وعن سلمان -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كُلُّ طَعَامِ وَشَرَاب وَقَعَتْ
¬__________
= وشرح المختصر وصنف الأصول وأخذ عنه الأئمة وانتشر الفقه عن أصحابه في البلاد، وخرج إلى مصر ومات بها في رجب سنة أربعين وثلاثمائة، ودفن عند الشافعي. انظر ط. الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 105 - 106، تاريخ بغداد 6/ 11 والشيرازي 92 والعبادي 68 ووفيات الأعيان 1/ 7 وابن هداية الله 19، ومعجم المؤلفين 1/ 3.
(¬1) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة بلفظ: إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله، ثم لينزعه، فإن في أحد جناحية داء والآخر شفاء، ورواه أبو داود وابن خزيمة وابن حبان بلفظه بزيادة (وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء فليغمسه كله، ثم لينزعه. ورواه ابن ماجة والدارمي أيضاً، ورواه ابن السكن بلفظ (إذا وقع الذاب في إناء أحدكم فليمقله فإن في أحد جناحيه دواء وفي الآخر داء، أو قال سماً، ورواه ابن ماجة وأحمد من حديث سعيد بن خالد عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري بلفظ (في أحد جناحي الذباب سم، وفي الآخر شفاء)، فإذا وقع في الطعام فامقلوه فيه فإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء، ورواه النسائي وابن حبان، والبيهقي أيضاً بنحوه، وروي عن ثمامة عن أنس والصحيح عن ثمامة عن أبي هريرة قاله ابن أبي حاتم عن أبيه وأبي زرعة، وقال الدارقطني: رواه عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس، ورواه حماد بن سلمة عن ثمامة عن أبي هريرة، والقولان محتملان قلت: وروي عن قتادة عن أنس عن كعب الأحبار، أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه الكبير في باب من حدث من الصحابة عن التابعين، وإسناده صحيح، ورواه الدارمي من طريق ثمامة عن أبي هريرة. وقال: الصواب طريق عبيد بن حنين عن أبي هريرة، قلت: وحديث عبد الله بن المثنى رواه البزار والطبراني في الأوسط. انظر التلخيص (1/ 27 - 28).
(¬2) المقل الغمس المصباح المنير 2/ 792.

الصفحة 31