كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 1)

سائر الحيوانات المأكول منها وغير المأكول، أما في غير المأكول فبالإجماع.
أما في المأكول فبالقياس (¬1) عليه، لأنها متغيرة مستحيلة، وذهب مالك وأحمد -رحمهما الله- إلى طهارة بول ما يؤكل لحمه وروثه وبه قال أبو سعيد الإصْطَخرِيُّ (¬2) من أصحابنا واختاره القاضي الروياني وتمسكوا بأحاديث مشهورة في الباب مع تأويلاتها ومعارضاتها. وهل نحكم بنجاسة هذه الفضلات من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه وجهان:
قال أبو جعفر التِّزمِذِيِّ (¬3) لا، لأَنَّ أَبَا طَيبَةَ الحَاجِمَ شَرِبَ دَمَهُ فلَم يُنكِرْ عَلَيهِ (¬4).
¬________
(¬1) القياس في اللغة: التسوية والتقدير. وفي الشرع: حمل معلوم على معلوم، أي: إلحاقه به في حكمه لمساواة بينهما في علة الحكم، أو هو: حمل مجهول الحكم على معلومه لمساواة بينهما في علة الحكم. وانظر تعريفات القياس في: القاموس 2/ 244، أصول الشاشي 325، المعتمد 2/ 697، 1031، العدة 1/ 174، البرهان 2/ 745، أصول السرخسي 2/ 143، المستصفى 2/ 5، المحصول 2/ 2/ 18، الإحكام للآمدي 3/ 261، المنتهى لابن الحاجب 122، الابهاج 3/ 5، شرح التنقيح 383، تيسير التحرير 3/ 263، فواتح الرحموت 2/ 246، نبراس العقول 9، 13.
(¬2) الحسن بن أحمد بن يزيد بن عيسى أبو سعيد الإصطخري شيخ الافعية ببغداد ومحتسبها، ومن أكابر أصحاب الوجره في المذهب، وكان ورعاً زاهداً أخذ عن أبي القاسم الأنماطي كما تقدم، قال أبو إسحاق المروزي: لما دخلت بغداد لم يكن لها من يستحق أن يدرس عليه إلا ابن سريج، وأبو سعيد الإصطخري. توفي في ربغ الآخر وقيل في جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وقد جاوز الثمانين مولده سنة أربع وأربعين قبل ابن سريج. انظر ابن قاضي شهبة 1/ 109، انظر تاريخ بغداد 7/ 268، والشيرازي 91، وابن السبكي 3/ 193، وفيات الأعيان 1/ 375، والمنتظم 6/ 302.
(¬3) محمد بن أحمد بن نصر أبو جعفر الترمذي الإمام الزاهد الورع سكن بغداد وكان شيخ الشافعية بالعراق قبل ابن سريج، وتفقه على الربيع وغيره من أصحاب الشافعي، وكان حنفياً ثم صار شافعياً لمنام رأه، قال الدارقطني ثقة مأمون ناسك. وقال الشيخ أبو إسحاق: لم يكن للشافعية بالعراق أرأس منه، ولا أورع ولا أكثر تقللاً. وله في المقالات كتاب سماه (اختلاف أهل الصلاة). مولده في ذي الحجة سنة مائتين، وتوفي في المحرم سنة خمس وتسعين ومائتين. انظر قاضي شهبة 1/ 82 - 83. وانظر ط. العبادي 56، ط. والشيرازي 86، وابن السبكي 1/ 288، المنتظم 6/ 8، والشذرات 2/ 220.
(¬4) قال الحافظ ابن حجر: وفي رواية أنه قال له بعد ما شرب الدم لا تعد الدم حرام كله، أما الرواية الأولى. فلم أر فيها ذكرًا لأبي طيبة، بل الظاهر أن صاحبها غيره، لأن أبا طيبة مولى بني بياصة من الأنصار، والذي وقع لي فيه أن صدر من مولى لبعض قريش، ولا يصح أيضاً فروى ابن حبان في الضعفاء من حديث نافع أبي هرمز عن عطاء عن ابن عباس قال: حجم النبي -صلى الله عليه وسلم- غلام لبعض قريش فلما فرغ من حجامته أخذ الدم فذهب به من وراء الحائط فنظر يميناً وشمالاً فلما لم ير أحداً تحسى دمه حتى فرغ، ثم أقبل فنظر النبي -صلى الله عليه وسلم- في وجهه فقال: (ويحك ما صنعت بالدم؟) قلت: غيبته من وراء الحائط قال: أين غيبته؟ قلت: يا رسول الله =

الصفحة 36