كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 1)

القَزِّ وَبَيْضِ مَا لاَ يُؤْكَلُ لَحْمَهُ وَجْهَانِ، أَمَّا دُودُ القَزِّ فَطَاهِرٌ، وَالمِسْكُ طَاهِرٌ، وَفَأَرَتُهُ كَذَلِكَ عَلى الأَظهَرِ.
قال الرافعي: المنيُّ قسمان: مني الآدمي، ومني غيره، فأما مني الآدمي فهو طاهر لما روي عَن عَائِشَةَ -رَضِيَ الله عَنْهَا- أنَّها قَالَتْ: "كُنْتُ أَفْرُكُ المَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ يُصَلِّي فيْهِ". وفي رِوَايْةٍ "وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ" (¬1) والاستدلال بها أقوى، ولأنه مبدأ خلق الآدمي، فأشبه التراب. فإن قيل: هذا مَنْقُوض بِالعَلَقَةِ وَالمُضْغةِ. قلنا: أصح الوجهين فيهما الطهارة أيضاً.
وحكى بعضهم عن صاحب التلخيص (¬2) قولين في مني المرأة.
وحكى آخرون عنه أن مني المرأة نجس، وفي مني الرجل قولان، وهذا أقوى النقلين عنه، ويوجه القول بنجاسة المني وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك بما روى أنَّه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "يُغْسَلُ الثَّوبُ مِنَ الْبَوْلِ وَالْمَذي وَالمَنِيِّ" (¬3).
¬__________
(¬1) متفق عليه من حديثها، واللفظ لمسلم، ولم يخرج البخاري مقصود الباب ولأبي داود ثم يصلي فيه، وللترمذي ربما فركته من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأصابعي وفي رواية لمسلم: وإني لأحكه من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يابسًا بظفري (قوله) وروى (أنها كانت تفركه وهو في الصلاة) ابن خزيمة والدارقطني والبيهقي وابن الجوزي من حديث محارب بن دثار عن عائشة قالت: (ربما حتته من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي) لفظ الدارقطني، ولفظ ابن خزيمة أنها كانت تحت المني من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي) ولابن حبان أيضاً من حديث الأسود بن يزيد عن عائشة قالت: (لقد رأيتني أفرك المني من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي)، (تنبيه) استغرب النووي هذه الرواية، ولم يعزها لأحد في شرح المهذب. انظر التلخيص 1/ 32.
(¬2) لابن إلقاس -رحمه الله-.
(¬3) قال الحافظ رواه البزار وأبو يعلى الموصلي في مسنديهما، وابن عدي في الكامل والدارقطني والبيهقي والعقيلي في الضعفاء وأبو نعيم في المعرفة من حديث عمار بن ياسر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بعمار فذكر قصة، وفيها إنما تغسل ثوبك من الغائط، والبول والمني والدم والقيء يا عمار ما نخامتك ودموع عينيك والماء الذي في ركوتك إلا سواء، وفيه ثابت بن حماد عن علي بن زيد بن جدعان وضعفه الجماعة المذكورن كلهم إلا أبا يعلى بثابت بن حماد واتهمه بعضهم بالوضع وقال اللالكائي: أجمعوا على ترك حديثه، وقال البزار: لا نعلم لثابت إلا هذا الحديث، وقال الطبراني: تفرد به ثابت بن حماد، ولا نروي عن عمار إلا بهذا الإسناد. وقال البيهقي: هذا حديث باطل إنما رواه ثابت بن حماد وهو متهم بالوضع قلت رواه البزار والطبراني من طريق إبراهيم بن زكريا العجلي عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد، لكن إبراهيم ضعيف، وقد غلط فيه إنما يرويه ثابت بن حماد. (فائدة) روى الدارقطني والبيهقي من طريق إسحاق الأزرق عن شريك عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس قال سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المني يصيب الثوب قال: (إنما هو بمنزلة المخاط والبصاق)، =

الصفحة 40