كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 1)

وصورة مسألة الكتاب ما إذا كان كل واحد من المُكَمِّلِ وَالمُكَمَّلِ نجساً، ثم لا يخفى أن عود الطهورية إنما يكون بشرط عدم التغير في المجموع، وهل يشترط أن لا يكون فيه نجاسة جامدة؟ فيه خلاف التباعد، ولو كوثر الماء القليل بما يغلب عليه ويغمره، ولكن لم يبلغ قُلَّتَيْنِ فهل تزول نجاسته؟ فيه وجهان:
أظهرهما: [أنه] (¬1) لا تزول (¬2): وإن قلنا: بالزوال، فهو طاهر غير طهور، وذلك بشروط
أحدها: أن يكون التكميل بماء طاهر لا ينجس.
والثاني: أن يورد الطاهر على النجس.
الثالث: أن يكون المُكمَّل أكثر من المكمِّل مما لا يكون فيه نجاسة، وكل ذلك فيما إذا بلغ قُلَّتَيْنِ بخلافه. ويشترط أيضاً أن لا يكون فيه نَجَاسَةٌ جَامِدَةٌ لا محالة.
وقوله: في الكتاب "جمعتا" عادتا طاهرتين، في لفظ الجمع إشارة إلى ما ذكره الأصحاب أن المعتبر في المُكَاثَرةِ الضَّمُّ وَالجَمْعُ دون الخَلْطِ، حتى لو كان أحد البعضين صافياً والآخر كدراً، وانضما تزول النجاسة من غير توقف على الاختلاط المانع من التميز، وقوله: "عادتا" معلم بالألف لما روى عن أحمد، وعن أصحابه، أنه لا تعود الطهارة. وليس المراد من قوله "عادتا طاهرتين"، مجرد الطهارة، بل مع الطهورية.
قال الغزالي: الثَّالِثُ- نَجَاسَةٌ جَامِدَةٌ وَقَعَتْ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ كَثِيرٍ يَجُوزُ الاغْتِرافُ مِنْ جَوَانِبِها عَلَى القَوْلِ القَدِيمِ وَهُوَ الأَقْيَسُ، وَيجِبُ التَّبَاعُدُ عَنْهَا بِقَدْر القُلَّتَينِ فِي القَوْلِ الجدِبدِ.
قال الرافعي: إذا وقع في الماء الكثير الراكد نجاسة جامدة كَالمَيْتَةِ، فهل يجوز الاغْتِرَافُ مما حوالى النجاسة، أم يجب التباعد عنها بقدر القلتين؟ فيه قولان: القديم: وهو ظاهر المذهب على خلاف الغالب، أنه يجوز الاغتراف من أي موضع شاء، ولا حاجة إلى التباعد؛ لأنه طاهر كله، فيستعمله المستعمل كيف شاء.
والدليل على أنه طاهر كله، قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا بَلَغَ المَاءُ قُلَّتَيْنِ" (¬3) الخبر والجديد: أنه
¬__________
(¬1) سقط في ط.
(¬2) قال النووي: هذا الذي صححه هو الأصح، وعند الخراسانيين: وهو الأصح والأصح عند العراقيين: الثاني: الروضة 1/ 133.
(¬3) تقدم.

الصفحة 50