كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 1)

المراد منه طَهَارَةُ الظَّاهِر وحده، بدليل قوله بعده: "فإن طبخ طهر ظاهره دون باطنه"، فإنه بين إرادة طهارة الكل [بإفاضة الماء] (¬1) في الأول، وحينئذ فمجرد الصَّبِّ لا يكفي؛ بل في الكلام إضمار.
المعنى: إذا صب فيه الماء الطهور حتى ينتقع فيه، ويصل الماء إلى جميع أجزائه. وفي بعض النسخ: إذا نضب، وهو: عبارة الوسيط، وتقييد الماء بالطَّهُورِيَّةِ في هذا الموضع كالمستغنى عنه لوضوح اشتراط الطهورية في الماء الذي تزال به النَّجَاسَاتِ مطلقاً، وعدم اختصاصه بهذا الموضع، وقوله: "فإن طبخ طهر ظاهره بإفاضة الماء" جاز أن يعلم قوله بإفاضة الماء بالواو، إشارة إلى التَّخْرِيج المذكور، فإن من صار إليه قال بأنه يطهر بالطَّبْخِ، لا بإفاضة الماء عليه؛ وكذلك قولَه: "دون باطنه" لما ذكرنا أن أحد القولين على قاعدة القول المُخَرَّج طهارة الباطن أيضاً.
قال الغزالي: الرَّابعُ- بَوْل الصَّبِيِّ قَبْلَ أنْ يَطْعَمَ يَكْفِي فِيهِ رَشٌّ المَاءِ (ح م) وَلاَ يَجِبُ الغَسْلُ بِخلاَفِ الصَّبِيَةِ للْحَدِيثِ.
قال الرافعي:- الواجب في إزالة النجاسات الغسل إلا في بول الصبي الذي لم يَطْعَمْ، ولم يشرب سوى اللبن، فيكفي فيه الرَّشُّ، ولا يجب الغُسْلُ (¬2) خلافاً لأبي حنيفة، ومالك [وأحمد] لنا: ما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّمَا يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيَّةِ وُيرَشُّ عَلَى بَوْلِ الغُلاَمِ" (¬3).
وعن "أُمِّ قَيْسٍ أَنَّهَا أَتَتْ رَسَولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِصَبِيٍّ لَهَا لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ، فَأَجْلَسَتهُ فِي
¬__________
= عليها سماً نجساً أو غمسها فيه فشربته، ثم غسلت بالماء طهرت، لأن الطهارات كلها إنما جعلت على ما يظهر ليس على الأجواف هذا نصه بحروفه. قال المتولي وإذا شرطنا سقي السكين جاز أن يقطع بها الأشياء الرطبة قبل السقي كما يقطع اليابسة. ولو أصابت الزئبق نجاسة فإن لم يتقطع طهر بصب الماء عليه، وإن تقطع كالدهن لا يمكن تطهيره على الأصح ذكره المحاملي والبغوي. وإزالة النجاسة التي لم يعص بالتلطخ بها في بدنه ليست على الفور، وإنما يجب عند إرادة الصلاة ونحوها. ويستحب المبادرة بها. قال المتولي وغيره: للماء قوة عند الورود على النجاسة فلا ينجس بملاقاتها، بل يبقى مطهراً فلو صبه على موضع النجاسة من ثوب فانتشرت الرطوبة في الثوب لا يحكم بنجاسة موضع الرطوبة، ولو صب الماء في إناء نجس ولم يتغير بالنجاسة فهو طهور. فإذا أداره على جوانبه طهرت الجوانب كلها. قال: ولو غسل ثوب عن نجاسة فوقعت عليه نجاسة عقب عصره. هل يجب غسل جميع الثوب أم يكفي غسل موضع النجاسة؟ وجهان: الصحيح: الثاني والله أعلم. الروضة 1/ 139 - 140.
(¬1) سقط من ط.
(¬2) قال النووي: وفي (التتمة) وجه شاذ: أن الصبي كالصبية فيجب الغسل. قال البغوي: وبول الخنثى كالأنثى من أي فرجية خرج. والله أعلم. الروضة 1/ 141.
(¬3) هكذا في الأصل هنا وفي ط: "من بول الصبية"، ولم يقع هذا اللفظ في الحديث فقط رواه أبو =

الصفحة 64