كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 1)

قال الغزالي: السَّادِسُ- سُؤرُ الهِرَّةِ طَاهِرٌ فَإِنْ أكَلَتْ فَأَرَةً ثِم وَلَغَتْ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ فَفِيهِ ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ يُفَرَّقُ فِي الثَّالِثِ بَيْنَ أَنْ تَلِغَ فِي الحالِ أَوْ بَعْدَ غَيْبَةٍ مُحْتَمَلَةٍ للُولُوغِ فِي المَاءِ الكَثِيرِ وَالأحْسَنُ (¬1) تَعْمِيمُ العَفْوِ لِلحَاجَةِ.
قال الرافعي: سُؤْرُ الهِرَّةِ طاهر؛ لأنها طاهرة العين، وما هو طاهر العين، فهو طاهر السؤر، ولذلك لما تعجبوا من إصغاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الإناء للهرة قال: "أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ، إِنَّهَا مِنَ الطوْافِينَ عَلَيْكُمْ" (¬2).
¬__________
= يحسب شيئاً؟ فيه ثلاثة أوجه: أصحها: واحدة، ويستحب أن يكون التراب في غير السابعة، والأولى أولى. ولو ولغ في ماء لم ينقص برلوغه عن قلتين فهو باق على طهوريته، ولا يجب غسل الإناء. ولو ولغ في شيء نجسه فأصاب ذلك الشيء آخر وجب غسله سبعًا. ولو ولغ في طعام جامد، ألقى ما أصابه وما حوله وبقي الباقي على طهارته وإذا لم يرد استعمال الإناء الذي ولغ فيه لا يجب إراقته على الصحيح الذي قطع به الجمهور. وفي (الحاوي) وجه أنه يجب إراقته على الفور للحديث الصحيح بالأمر بإراقته، ولو ولغ في ماء كثير متغير بالنجاسة ثم أصاب ذلك الماء ثوبًا قال الروياني: قال القاضي حسين: يجب غسله سبعاً إحداهن بالتراب، لأن الماء المتغير بالنجاسة كخل تنجس، ولو ولغ حيوان تولد من كلب أو خنزير وغيره أو من كلب وخنزير فقد نقل فيه صاحب (العدة) الخلاف في الخنزير، لأنه ليس كلباً. والله أعلم. الروضة 1/ 143.
(¬1) في ط: والأقرب.
(¬2) قال الحافظ أخرجه مالك والشافعي وأحمد والأربعة وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني والبيهقي من حديث أبي قتادة قال مالك عن إسحاق بن أبي طلحة عن حميدة بنت عبيدة عن خالتها كبشة بنت كعب بن مالك، وكانت تحت ابن أبي قتادة أنها أخبرتها أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءًا، فجاءت هرة لتشرب منه، فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت كبشه: فرآني انظر إليه فقال أتعجبين يا ابنة أخي؟ قالت: قلت نعم، فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوفات. ورواه الباقون من حديث مالك، ورواه الشافعي عن الثقة عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه، ورواه أبو يعلى من طريق حسين المعلم عن إسحاق بن أبي طلحة عن أم يحيى امرأته، عن خالتها ابنة كعب بن مالك، فذكره تابعه همام عن إسحاق، أخرجه البيهقي قال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عنه فقالا: هي حميدة تكنى أم يحيى، وصححه البخاري والترمذي والعقيلي، والدارقطني وساق له في الإفراد طريقاً غير طريق إسحاق فروى من طريق الدراوردي عن أسيد بن أبي أسيد عن أبيه أن أبا قتادة كان يصغي الأناء للهرة فتشرب منه، ثم يتوضأ بفضلها فقيل له: أنتوضأ بفضلها؟ فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم) وأعله ابن منده بأن حميدة وخالتها كبشة محلهما محل الجهالة، ولا يعرف لهما إلا هذا الحديث انتهى. فأما قوله إنهما لا يعرف لهما إلا هذا الحديث فمتعقب بأن لحميدة حديثًا آخر في تشميت العاطس رواه أبر داود، ولها ثالث رواه أبو نعيم في "المعرفة"، =

الصفحة 69