كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 2)

فطريق إزالتها بالغسل كما سبق، ولو قطع موضع النجاسة حصل الغرض، ويلزمه ذلك إذا تعذر الغسل، وأمكن ستر العورة بالطاهر منه، ولم ينقص من قيمته بالقطع أكثر من أجرة مثل الثوب لو استأجره، وإن لم يعرف موضع النجاسة من الثوب، وكان يجوزه في كل جزء منه، وجب غسل جميعه وكذلك في البدن، ولا يجوز الاقتصار على غسل البعض لا بالتحري، ولا دونه، وإن أفاد ذلك الشك في نجاسة الباقي؛ لأن حصول النجاسة في هذا الثوب متيقن، واليقين لا يدفع بالشَّكِّ.
ولو شَقَّه نِصْفيْن لم يجز التَحَرِّي فيهما؛ لجواز أن يكون الشَّقُّ في موضع النجاسة فيكونا نَجِسَيْنِ، ولو أصاب شيء رطب طرفاً من هذا الثَّوب لا نحكم بنجاسته؛ لأنا لا نتيقن نجاسة موضع الإصابة، ولو غسل أحد نصفيه، ثم غسل النصف الثاني، فهو كما لو تيقن نجاسة الكُلِّ، وغسله هكذا، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه لا يطهر حتى يغسل الكل دفعة واحدة.
وأظهرهما: أنه إن غسل مع النصف الثاني القدر الذي يجاوره من الأول طهر الكل، وإن لم يغسل إلا النصف في الدفعة الثانية طهر الطرفان، وبقي المنتصف نجساً في صورة اليقين، ونجساً في الصورة الأولى.
ولو نجس واحد من موضعين منحصرين، أو مواضع وأشكل عليه؛ كما لو تنجس أحد الكُمَّيْنِ فأدى اجتهاده إلى نجاسة أحدهما فغسله وصلّى فيه، فهذه مسألة الكتاب، وفي صحة صلاته وجهان:
أحدهما: وينسب إلى ابن سريجَ؛ أنها تَصِحّ، لحصول غلبة الظَّنِّ بالطَّهَارة.
وأصحهما عند معظم الأصحاب: أنها لا تصح؛ لأن الثوب واحدٌ، وقد تيقن نجاسَتَه، ولم يتيقن الطَّهارة، فيستصحب اليقين، وصار كما لو خفي موضع النجاسة ولم تنحصر في بعض المواضع، فلو فصل أحد الكُمَّيْنِ عن الثوب واجتهد فيهما فهما كالثَّوْبين إن غسل ما ظنه نجسًا وصلى فيه جاز، وإن صلَّى فيما ظنه طاهراً جاز أيضاً؛ لأنه لم يستيقن نجاسته أصلاً، فاجتهاده متأيد باستصحاب أصل الطهارة، بخلاف ما قبل الفصل.
ويجري الوجهان فيما إذا نجس إحدى يديه، أو إحدى أصابعه، وغسل النجس عنده وصلى؛ وكذلك فيما لو اجتهد في ثوبين، وغسل النجس عنده، وصلى فيهما معاً؛ لأنه استيقن النجاسة في المجموع ولم يستيقن الطهارة، لكن الأظهر هاهنا الجواز، وفرقوا بأن محل الاجتهاد الاشتباه بين الشيئين، فأما إذا اشتبه عليه أجزاء الشيء الواحد، فلا يؤمر فيه بالاجتهادِ، ولهذا لا يجتهد إذا خفي عليه موضع النجاسة، ولم ينحصر في

الصفحة 7