كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 2)

موضعين، أو مواضع مخصوصة، وفإذا كان كذلك، فتأثير الاجتهاد فيه أضعف.
ولو غسل إحدى الكُمَّين بالاجتهاد وفصله عن الباقي فجواز الصَّلاة فيما لم يغسله وحده على الخلاف [وإذا غسل أحد الثوبين بالاجتهاد تجوز الصلاة في كُلِّ واحدٍ منهما وحده بلا خلاف] (¬1).
ولو اشتبه عليه ثوبان طاهر ونجس، أو أثواب بعضها طاهر وبعضها نَجِس، فيجتهد كما سبق في الأواني، فإن لم يغلب على ظنه شيء، وأمكنه غسل واحد ليستصحبه في صلاته لزمه ذلك، وإلا فهو كما لو لم يجد إلا ثوباً نجساً، وسيأتي حكمه في الشَّرْطِ الثَّالِثِ (¬2)، ولو غلب على ظنه طهارة أحد الثَّوْبَيْن، واستصحبه، ثم تغير اجتهاده عمل بمقتضى الاجتهاد الثاني في أظهر الوجهين، كما في القبلة (¬3)، بخلاف الأواني، حيث لا يعمل فيها بالاجتهاد الثاني على النص لما سبق أنه يلزم منه نقض الاجتهاد بالاجتهاد.
قال الغزالي: وَلَوْ أَلْقَى طَرَفَ عِمَامَتِهِ عَلَى نَجَاسَةٍ بَطُلَتْ صَلاتُهُ وَإِنْ كَانَ لاَ يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ، وَلَو قَبَضَ طَرَفَ حَبْلٍ مُلْقى عَلَى نَجَاسةٍ بَطُلَتْ صَلاتُهُ إِنْ كَانَ المُلاَقِي يَتَحرَّكُ بِحَرَكَتِهِ وإلاَّ فَوَجْهَانِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى سَاجُورِ كَلْبٍ أَوْ عُنُقِ حِمَارٍ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ فَوَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ وَأَوْلَى بِالجَوَازِ، وَلَوْ كَانَ رَأسُ الحَبْلِ تَحْتَ رِجْلِهِ فَلاَ بَأْسَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ حَامِلاً.
قال الرافعي: ما لبسه المصلي يجب أن يكون طَاهِراً، سواء كان يتحرك بحركته في قيامه وقعوده، أو كان لا يتحرك بعض أطرافه كذنابة العَمَامَةِ، وكما لا يجوز أن يكون شيء من ملبوسه نجساً لا يجوز أن يكون ملاقياً للنجاسة، فلو ألقى طرف عمامته على أرض نجسة، أو عين نجسة بطلت صَلاتُهُ، وإن لم يتحرك بحركته؛ لأنها ملبوسة له أو معدودة من ثيابه، فصار كما لو لبس قميصاً طويلاً لا يرتفع زيله بارتفاعه، وكان نجساً لا تصح صلاته، وذكر الصيدلاني وآخرون أن عند أبي حنيفة: إن لم يتحرك طرف العمامة الملقى على النجاسة بحركته جازت صلاته، فليكن قوله: (وإن كان لا يتحرك بحركته) معلماً بالحاء لذلك، ولو قبض على طرف حبل، أو ثوب وطرفه الآخر
¬__________
(¬1) سقط في ب.
(¬2) قال النووي: ولنا وجه، أن يصلي الصلاة تلك من كل ثوب مرة. والصحيح المعروف: أنه يترك الثياب، ويصلي عرياناً. وتجب الإعادة -والله أعلم- روضة الطالبين (1/ 379).
(¬3) قال النووي في زيادته: ولا يجب إعادة واحدة من الصلاتين، وكذا لو كثرت الثياب والصلوات بالاجتهاد المختلف كما قلنا في القبلة، ولو تلف أحد الثوبين المشتبهين قبل الاجتهاد لم يصل في الآخر على الأصح، -والله أعلم- الروضة (1/ 379).

الصفحة 8