كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 3)

أحدهما: لا كما في الصلاة.
وأظهرهما: وبه قال أصحاب أبي حنيفة -رحمه الله-: نعم، كما في الصوم للعسر (¬1)؛ ولأن المقصود الأظهر من الزكاة إخراجها، وسد خَلاَّت المستحقين بها، ولذلك جازت النِّية فيه مع، القدرة على المُبَاشرة، وعلى هذا تكفي نية الموكل عند الدَّفع إلى الوكيل، وعلى الأول لا بد من نية الوَكيلِ عند الدَّفْعِ إلى المَسَاكين أيضاً، ولو وكَّل وكيلاً وفوَّض النِّية إلَيه أيضاً جاز، كذا ذكره في، "النّهاية" و"الوسيط".
فرع: لو تصدق بجميع ماله، ولم ينو الزكاة لم تسقط عنه الزَّكَاة، وعن أصحاب أبي حنيفة -رحمه الله- أنها تسقط.
قال الغزالي: وَيُسْتَحِبُّ لِلسَّاعي أنْ يعَلِّمَ فِي السَّنَةِ شَهْراً لِأخْذِ الزَّكَوَاتِ، وأنْ يَرُدّ المَوَاشِي إلَى مَضِيقٍ قَرِيبٍ مِنَ المَرْعَى لِيَسْهُلِ عَلَيْهِ العَدُّ.
قال الرافعي: كان النَّبي -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء بعده يبعثون السُّعَاة لأخذ الزَّكَاة (¬2).
والمعنى فيه أن كثيراً من النَّاس لا يعرفون الوَاجب والواجب فيه ومن يصرف إليه، فبعثوا ليأخذوا من حيث تجب ويضعوا حيث يجب (¬3). والأموال نوعان:
أحدهما: مَا لاَ يُعْتبر فيه الحول كالثمار والزروع، فتبعث السعاة لوقت وجوبها، وهو إدراك الثمار، واشتداد الحبوب، وذلك لا يختلف في الناحية الواحدة كثير اختلاف.
والثاني: ما يُعْتبر فيه الحول، وهو موضع كلام الكتاب فأحوال الناس تختلف، ولا يمكن بعث ساع إلى كل واحد عند تمام حوله، فيعين شهراً يأتيهم الساعي فيه، واستحب الشافعي -رضي الله عنه- أن يكون ذلك الشهر المحرم صيفاً كان أو شتاء، فإنه أول السنة الشرعية (¬4)، وليخرج قبل المحرم ليوافيهم أول المحرم، ثم إذا جاءهم
¬__________
(¬1) أطلقا المسألة، وصورتها أن ينضم إلى النية عزل المقدار المخرج، فإن لم يقترن العزل بجر بلا خلاف. صرح به المنولي والروياني في هذا الباب والماوردي في كتاب الإيمان، ونقله في "شرح المهذب"، عن جماعة، وأقره ثم نقل عن الأصحاب أن الزكاة والكفارة في ذلك سواء، نعم لا فرق بين أن يكون النية مقارنة للعزل أو بعده، وقيل أن يفرق كما ذكره في شرح المهذب في الكلام على ما إذا دفع إلى الوكيل من غير نية ووقع الإبراء.
(¬2) تقدم.
(¬3) لم يبين هل البحث واجب أم مستحب؟ وصحح في شرح المهذب الوجوب.
(¬4) هذا الذي ذكرنا من تعيين الشهر هو على الاستحباب علي الصحيح، وفيه وجه: يجب. ذكره صاحب الكتاب في آخر قسم الصدقات. ينظر الروضة (2/ 68).

الصفحة 11