كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 3)
أحدهما: لو نوى الانتقال من صوم إلى صوم (¬1)، لم ينتقل إليه، وهل يبطل ما هو فيه، أم يبقى نفلاً؟ على وجهين، وكذا لَو رفض نية الفَرْض عن الصَّوْم الذي هو فيه (¬2).
الثاني: لو قال إذَا جاء فُلاَنٌ خرجت من صَوْمِي فهل هو خَارجٌ عن الصَّوْم عند مجيئه؟. فيه وجهان فإن قلنا: نعم، فهل يخرج في الحَال؟ فيه وجهان وكل ذلك كما في الصَّلاة، أورده في "التهذيب" وغيره.
قال الغزالي: الرُّكْنُ الثَّانِي الإمْسَاكُ عَنِ المُفَطِّرَاتِ، وَهِيَ الجِمَاعُ وَالاسْتِمْنَاءُ وَالاسْتِقَاءُ.
قال الرافعي: لا بد للصًائِمِ مِنَ الإمسَاكِ عَنِ المُفْطِرَاتِ، وهي أنواع:
منها: الجماعُ وهو مبطلٌ للصَّومِ بالإِجْمَاع.
ومنها: الاسْتِمنَاء (¬3)، وسيأتي الكلام فيه.
ومنها: الاسْتِقاءة فمن تَقَيَّأَ عامداً أَفْطَر، ومن ذَرَعَهُ الفَيْءُ لَمْ يُفْطِر.
روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن ذَرَعَهُ الفَيْءُ وَهُوَ صَائِمٌ فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ فَلْيُقْضِ" (¬4). وربما روي ذلك عن ابن عمر -رضي الله عنهما- موقوفاً (¬5).
وعن أبي الدَّرْدَاء -رضي الله عنه- إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قَاءَ فَأفْطَرَ أَي: اسْتَقَاءَ،
¬__________
(¬1) كأن كان صائماً عن نذر فنوى قلبه إلى كفارة أو عكسه.
(¬2) قال النووي الأصح: بقاؤه على ما كان واعلم أن انقلابه نفلاً على أحد الوجهين، إنما يصح في غير رمضان، وإلا فرمضان لا يقبل النفل عندنا ممن هو من أهل الفرض بحال. ينظر الروضة (2/ 219).
(¬3) أي شرط الصوم الإمساك عن الجماع وعن الاستمناء وهو إخراج المني بغير الجماع محرماً كإخراجه بيده، أو غير محرماً كإخراجه بيد زوجته أو جاريته. قال: فيفطر به لأن الإنزال هو المقصود الأعظم من الجماع، فإذا حرم الجماع من غير إنزال كان تحريم الإنزال أولى قال في التوسط والفتح. قال في الخادم: هذا في الواضح، أما الخنثى المشكل فلا يفطر به، قاله الجيلي في الإعجاز. وهذا ظاهر إذا استمنى من أحد فرجيه، أما لو استمنى من فرجيه جميعاً فلا مرية في بطلان صومه، ثنم رأيت في المهمات ما نصه. أما المشكل فلا يفطر بإنزاله من أحد الفرجين لاحتمال الزيادة قاله في البيان ونقله النووي في نواقض الوضوء من شرح المهذب فظهر ما ذكرته منقولاً ولله الحمد. (قاله البكري).
(¬4) أخرجه أبو داود (2380) والترمذي (720) وقال حسن غريب، والنسائي في الكبرى وابن ماجة ((1667) والدارقطني (2/ 184) وابن حبان أورده الهيثمي (907)، والحاكم (1/ 426) وقال صحيح على شرط الشيخين، وقال عبد الحق رجاله ثقات.
(¬5) أخرجه مالك في الموطأ (1/ 222).