كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 3)

الأَضْحَى، وَيوْمِ الْفِطْرِ" (¬1).
وأما أيَّام التَّشْرِيق فهل يجوز للمتمتع العَادِم لِلْهَدْيِ أن يصومها عن الثَّلاثَةِ أيام اللاَّزِمة في الحج؟ فيه قولان:
القديم -وبه قال مَالِك-: أنه يجوز؛ لما روى عن عائشة -رضي الله عنها- أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: "أرْخَص للْمُتَمَتِّع إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ، وَلَمْ يَصُمِ الثَّلاثَةَ فِي الْعَشْرِ أَنْ صَوْمَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ" (¬2). وإلى هذا ميل الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ.
والجديد: أنه لا يجوز، بل هما في عدم قبول الصَّوْمِ كالعبدين؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ تَصُومُوا فِي هَذِهِ الأيَّام فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلِ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ" (¬3) فإن فرعنا على القديم، فهل يجوز لغير المتمتع صَوْمُهَا؟ فيه وجهان:
قال أبو إسحاق: نعم؛ لأن تجويز صَوْمِهَا للمتمتع إنما كان لأنه صَوْمٌ لَهُ سَبَبٌ، فيجوز مِثْلُ هذا الصَّوْمِ لكل أَحَدٍ دون التَّطوعات المحضة.
وقال الأكثرون: لا يجوز؛ لأن النَّهْيَ عَامٌّ، والرُّخْصَةُ وَرَدَتْ في حق المتمتع خَاصَّة (¬4)، وذكر الإمام أن القاضي الحُسَيْنَ سلك مسلكاً يفضي إلى تنزيل يوم العيد مُنْزَلة يَوْمِ الشَّكِ، قال: وما تراه قاله عن عقد.
وأما يوم الشَّكِّ (¬5) فقد روي عن عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ -رضي الله عنه- أنه قال: "مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكَّ فِيهِ، فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ" (¬6) فلا يصح صَوْمُه عَنْ رَمَضَانَ خلافاً
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (1993) ومسلم (1138).
(¬2) أخرجه الدارقطني (2/ 186) من حديث ابن عمر، ورواه البخاري (1997، 1998) من حديث ابن عمر وعائشة.
(¬3) أخرجه الدارقطني (2/ 187) من حديث أبي هريرة وعبد الله بن حذافة. والبيهقي (4/ 298) وأخرجه مسلم (1141) من حديث نبيشة والبعال ملاعبة الرجل أهله.
(¬4) قال النووي: وإذا جوزنا لغير المتمتع، فهو مختص بصوم له سبب من واجب أو نفل. فأما ما لا سبب له، فلا يجوز عند الجمهور ممن ذكر هذا الوجه. وقال إمام الحرمين: هو كيوم الشك، وهذا القديم هو الراجح دليلاً، وإن كان مرجوحاً عند الأصحاب.
(¬5) والمعنى فيه القوة على عموم رمضان وضعفه السبكي بعدم كراهة صوم شعبان وهو ممنوع لأن النفس إذا ألفت شيئاً هان عليها ولهذا كان صوم يوم وفطر يوم أفضل من استمرار الصوم.
(¬6) أخرجه أبو داود (2334) والترمذي (686) وقال حسن صحيح، والنسائي، (4/ 153) وابن ماجه (1645) والدارقطنى (2/ 157) وابن حبان ذكره الهيثمي في الموارد (878) والحاكم (1/ 423 - 244) والبيهقي (4/ 208) وقال الدارقطني إسناده حسن ورجاله ثقات، وأخرجه البخاري تعليقاً (4/ 119).

الصفحة 211