كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 3)
والتَّسْوِيد، والتطريف، فقد روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَى عَنِ التَّطْرِيفِ" (¬1) وهو أن تخضب أطراف الأصابع، ويكره لها أن تختضب بعدم الإحرام لما فيه من الزّينة وإزالة الشِّعث، ولو فعلت ففيه كلام نذكره في الباب الثَّالِثِ عند ذكر خضاب الرجل شعر لِحْيَتِهِ ورأسه -إن شاء الله تعالى (¬2) -.
قال الغزالي: الثَّالِثَةُ أَنْ يَتَجَرَّدَ عَنِ المَحِيْطِ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ أَبْيَضَيْنِ وَنَعْلَيْنِ.
قال الرافعي: إذا أراد الإحرام تَجَرَّدَ عن محيط ثيابه، إذ ليس للمحرم لِبْس المخيط على ما سيأتي، ويلبس إزارَاً ورداءً ونعلين. روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إِزَار وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ" (¬3) ويستحب أن يكون الإزار والرداء أبيضين: "فَإِنَّ أَحَبَّ الثِّيَابِ إِلَى اللهِ -تَعَالى- الْبِيضُ" وليكونا جديدين، فإن لم يَجِدْ فليكونَا غَسِيلين، ويكره المَصْبوغ؛ لما روي عن عمر: "أَنَّهُ رَأَىَ عَلَى طَلْحَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- ثَوْبَيْنِ مَصْبُوغَيْنِ وَهُوَ حَرَامٌ، فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّكُمْ أَئِمَّة يُهْتَدَى بِكُمْ فَلاَ يَلْبِسْ أَحَدُكُمْ مِنْ هذِهِ الثِّيَابِ الْمُصْبَغَةِ فِي الإحْرَامِ شَيْئاً" (¬4).
وقوله في الكتاب: (أن يتجرد عن المخيط في إزار إلى آخره) ينبغي أن يعلم فيه أن المعدود من السّنن التجرد بالصفة المذكورة.
فأما مجرد التجرد فلا يمكن عَدُّه من السُّنَنِ؛ لأن ترك لبس المَخِيط في الإحْرَامِ لاَزِمٌ، ومن ضرورة لزومه لزوم التجرد قبل الإحْرَام، وبالله التوفيق.
قال الغزالي: الرَّابِعَةُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتيِ الإحْرَامِ ثُمَّ يُلَبِّيَ حَيْثُ تَنْبَعِثُ بِهِ دَابَّتُهُ، وَفي القَدِيمِ بِحَيْثُ يَتَحَلَّلُ عَنِ الصَّلاةِ.
قال الرافعي: يستحب أن يُصَلِّي قبل الإحرام ركعتين؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم-: "صَلَّى بِذِيِ الْحَلْيِفَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَحْرَمَ" (¬5).
¬__________
(¬1) قال الحافظ ابن حجر (2/ 237) لم أجده لكن روى الطبراني في ترجمة أم ليلى امرأة أبي ليلى، من حديث ابن أبي ليلى، قالت: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان فيما أخذ علينا: " أن تختضب الغمس، وتمتشط بالغسل، ولا نقحل أيدينا من خضاب" انظر المعجم الكبير (25) رقم (334).
(¬2) قال النووي: سواء في استحباب الخضاب العجوز والشابة، ولا تخضب الخنثى كما لا يختضب الرجل. ينظر الروضة (2/ 349).
(¬3) أخرجه أبو عوانة من رواية ابن عمر، وأخرجه أحمد (2/ 34) وابن الجارود (416) وانظر التلخيص (2/ 237 - 238).
(¬4) أخرجه مالك في الموطأ (1/ 239 - 240).
(¬5) أخرجه مسلم (1218) من حديث جابر -رضي الله عنه- الطويل، وأخرجه البخاري (1554) ومسلم (1184) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.