كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 3)

قال الغزالي: النَّوْعُ الثَّالِثُ فِي زَكَاةِ النَّقْدَيْنِ وَالنَّظَرِ فِي قَدْرِهِ وَجِنْسِهِ (أَمَّا القَدَرُ) فَنِصَابُ الوَرِقِ مَائَتَا دِرْهَمٍ، وَنِصَابُ الذَّهَبِ عِشْرُونَ دِينَاراً، وَفِيهِمَا رُبْعُ العُشْرِ، وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ، وَلاَ وَقْصَ (ح) فِيهِ.
قال الرافعي: الكلام في هذا النوع في القدر الواجب فيه، ثم في جنسه.
أما الأول فنصاب الورق مائتا درهم، ونصاب الذَّهَبِ عِشْرُون ديناراً، وفيهما رُبُعُ العُشْرِ، وهو خمسة دراهم ونصف دينار، ولا شيء فيما دون ذلك.
روي عن أبى سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ" (¬1). والأوقية: أربعون درهماً؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذَا بَلَغَ مَالُ أَحَدِكُمْ خَمْسَ أَوَاقٍ مَائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَفِيهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ" (¬2) ويجب فيما زاد على المائتين والعشرين بالحساب قَلَّ أو كثرَ، ولا وَقْصَ فِيهِ، خِلافاً لأبي حنيفة، حيث قال: لا يجب فيما زاد على المائتين شيء حتى يبلغ أربعين دِرْهماً، ولا فيما زاد على عِشْرين ديناراً حتى يبلغ أربعة دنانير، ففيها ربع العشر، ثم كذلك في كل أربعين درهماً أربعة دنانير. لنا: ما روي عن علي -كرم الله وجهه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "هَاتُوا رُبْعَ العُشْرِ مِنَ الْوَرَقِ، وَلاَ شَيْءَ فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ مَائَةَ دِرْهَمٍ، وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ" (¬3).
وروي مثله في الذَّهَبِ وفي النَّقْدَيْنِ جميعاً، لا فرق بين التّمْر والمَضْرُوب، والاعتبار بالوزن اِلذي كَانَ بَمكَّة: لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "الْمِيزَانُ مِيزَانُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أْهْلِ الْمَدِينَةِ" (¬4) وذلك ظاهر في الدَّنَانِير، وقد ذكر الشَّيْخُ أبو حامد وغيره أن المِثْقَال لم يختلف في جَاهِلِيَّةٍ ولا إسلام، وأما الدراهم فلا شك أنها كانت
¬__________
= وبقي بعضه، ولم يعرف الساعي ما تلف، فإن عرف المالك ما أكل، زكَّاه مع ما بقي. فإن اتهمه، حلفه استحباباً على الأصح، ووجوباً على الآخر، وإن قال: لا أعرف قدر ما أكلته، ولا ما تلف. قال الدارمي: قلنا له: إن ذكرت قدراً ألزمناك بما أقررت به، فإن اتهمناك حلَّفناك، وإن ذكرت مجملاً، أخذنا الزكاة بخرصنا. قال أصحابنا: ولو خرص، فأقر المالك بأنه زاد على المخروص، أخذنا الزكاة من الزيادة، سواء كان ضمِنَ، أم لا]. ينظر الروضة (2/ 117).
(¬1) تقدم.
(¬2) أخرجه الدارقطني (2/ 98) من رواية جابر، وإسناده ضعيف، انظر التلخيص (2/ 173).
(¬3) أخرجه أبو داود (1572، 1573) والترمذي (620) والنسائي (5/ 37) وابن ماجة (1790)، وقال أبو داود: جعله بعضهم موقوفاً على عليّ قال الدارقطني: وهو الصواب.
(¬4) أخرجه أبو داود (3340) والنسائي (7/ 284) من رواية ابن عمر بإسناد صحيح لكن الدينار اختلف بأنه يطلق في كثير من البلاد كاليمن والحجاز وغيرها على أربعة دراهم، وفي بعض البلاد على ثلاثة عشر درهماً وثلث. (قاله في الخادم).

الصفحة 88