كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 3)

في "البيان" أن هذا هو الجديد، والأول القديم، فإذا جمعت بيت الصورتين قلت: في المسألة ثلاثة أوجه كما ذكر في الكتاب:
ثالثها -وهو الأظهر-: الفرق بين أن يقصد الإصلاح، وبين ألا يَقْصِد شَيْئاً.
وموضع الخلاف عند الجمهور ما إذا لم يقصد جعله تِبْرا، أو دراهم، وإن كان لفظ الكتاب مطلقاً.
قال الغزالي: فَإِنْ قِيلَ: مَا الانْتِفَاع المُحَرَّم فِي عَيْنِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ {قُلْنَا}: أَمَّا المُذَهَّبُ فَأصْلُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَعَلَى التَّحْلِيلِ فِي حَقِّ النِّسَاءِ، وَلاَ يُحِلُّهُ لِلْرِّجَالِ إِلاَّ تَمْوِيهٌ لاَ يَحْصُلُ مِنْهُ الذَّهَبُ أَوِ اتِّخَاذُ أنْفٍ لِمَنْ جُدِعَ أَنْفُهُ.
قال الرافعي: جرت عادة الأصحاب بالبحث عما يحل وَيحْرُم من التَحَلِّي بالتبرين؛ ليعلم موضع القطع بوجوب الزَّكَاةَ، وموضع القولين:
فأما الذَّهَبَ فَأَصْلُه على التَّحرِيم فِي حَقِّ الرِّجَالِ، وعلى التحليل في حق النِّساء؛ لما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال في الذَّهَب والحرير: "هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلٌّ لإنَاثِهِمْ" (¬1) واستثنى في الكتاب عن التَّحرِيم نوعين:
أحدهما: التَّمْوِيه الذي يحصل منه شَيْءٌ" وفي جوازه في الخاتم والسيف وغيرهما وَجْهَان سَبَقَ في "الأوَانِي" ذِكْرُهُمَا، وبالتَّحْرِيم أَجَابَ الْعِرَاقِيُّونَ هاهنا، وقد عرفت بما ذكرنا أن قوله: (إلا تمويه) ينبغي أن يُعَلَّمَ بالواو.
والثاني: يجوز لمن جُدِعَ أَنْفُهُ اتخاذ أَنْفٍ من ذَهَبٍ وإن أمكن اتخاذه من الفضَّة؛ لأن الذَّهَب لا يَصْدَأ (¬2).
وقد روى أنَّ رَجُلِاً قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلاَبِ، فَاتَّخَذَ أَنْفَاً مِنْ فِضَّةٍ فَأنْتِنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَنْ يَتَّخِذَ أنْفاً مِنْ ذَهَبٍ" (¬3) وفي معنى الأنف السِّن والأنملة، فيجوز
¬__________
(¬1) تقدم.
(¬2) [إذا صدى بحيث لا يتبين فلا يحرم كما نقله في شرح المهذب عن قطع الشيخ أبي حامد والبندنيجي وصاحب المهذب وآخرين. وقال القاضي أبو الطيب: المذهب لا يصدي فلا يتصور المسألة، وأجابوا عن هذا بأن مثه ما يصدي ومنه ما لا يصدي ويقال ما خالطه غيره يصدي، والخالص لا يصدي].
(¬3) أخرجه أحمد (5/ 23) وأبو داود (4232، 4234) والترمذي (1770، 1771) والنسائي (8/ 163 - 164) والطبراني في الكبير (ج 17 رقم 369، 370، 371) ذكر الهيثمي في الموارد (1466) والكلابي بضم الكاف وتخفيف اللام اسم لوقعة مشهورة.

الصفحة 98