كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

الكتاب: "بيع على وارثه" تخصيصاً للبيع القهري بالوارث فاعرف ذلك.
وقوله: "والحيلولة وفاقاً"، لفظ الوفاق لا يتعلق به كثير غرض.
قال الغزالي: الرُّكْنُ الثَّالِثُ المَعْقُودُ عَلَيْهِ وَشَرَائِطُهُ خَمْسَةٌ، أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا، مُنْتَفِعاً بِهِ، مَمْلُوكاً لِلعَاقِدِ، مَقْدُوراً عَلَى تَسْلِيمِهِ، مَعْلُوماً الأَوَّلُ الطَّهَارَةُ فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ السِّرْجَيْنِ (م ح) وَالكلْبِ (م ح) وَالخِنْزِيرِ وَالأَعْيَانِ النَّجِسَةِ، كَمَا لاَ يَجُوزُ بَيْعُ الخَمْرِ وَالعَذِرَة وَالجِيفَةِ وِفَاقًا وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ، وَالدُّهْنُ إِذَا نَجُسَ بِمُلاقَاةِ النَّجَاسَةِ صَحَّ بَيْعُهُ (م) وَجَازَ اسْتِصْبَاحُهُ عَلَى أَظْهَرِ القَوْلَيْنِ.
قال الرافعي: يعتبر في المبيع ليصح بيعه شروط:
أحدها: الطَّهارة، فالشيء النجس ينقسم إلى ما هو نجس العين، وإلى ما هو نجس بعارض. فأما القسم الأول فلا يصح بيعه، فمنه الكلب والخنزير، وما تولد منهما أو من أحدهما.
رُوِي عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَّهُ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ" (¬1).
وروى جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وجلَّ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخَنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ" (¬2) ولا فرق بين أن يكون الكلب معلماً أو غير معلّم وبهذا قال أحمد.
وعن أبي حنيفة -رضي الله عنه- يجوز بيع الكلب إلا أن يكون عقوراً ففيه روايتان. وعن أصحاب مالك اختلاف فيه منهم من لم يجوزه، ومنهم من جوز بيع الكلب المأذون في إمساكه.
ومنه: السِّرْجِين (¬3) والبَوْل لا يجوز بيعهما، كما لا يجوز بيع الميتة والعَذِرَة، والجامع نجاسة العين، وساعدنا أحمد فيما نذهب إلى نجاسته منهما.
وقال أبو حنيفة: يجوز بيع السِّرْجين (¬4).
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (2237، 2282، 5346، 5761) ومسلم (1567) من حديث أبي مسعود وعقبة بن عمرو، ومسلم (1569) من حديث جابر.
(¬2) أخرجه البخاري (2236، 4296، 4632) ومسلم (1581).
(¬3) في أالسرقين وهما بمعنى واحد.
(¬4) استدلالاً بأنه فعل الأمصار في سائر الإعصار من غير تكبر ولأن محل ما جاز الانتفاع به من غير ضرورة جاز بيعه كسائر الأموال. ورد عليهم بأن هذا إنما يفعله جهال الناس فلم يكن فعلهم حجة على من سواهم، وأما قياسهم بعلة أنه منتفع به منتقض بالحر والوقف وأم الولد.

الصفحة 23