كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

قال الغزالي: الثَّاني: المَنْفَعَةُ وَبيْعُ مَا لاَ مَنْفَعَةَ فِيهِ لِقِلَّتِهِ كَالحَبَّةِ مِنَ الحِنْطَةِ، أَوْ لِخِسَّتِهِ كَالخَنَافِسِ وَالحَشَرَاتِ وَالسِّبَاعِ (و) الّتي لاَ تَصِيدُ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ مَا أَسْقَطَ الشَّرْعُ مَنْفَعَتَهُ كَآلاتِ المَلاَهِي (و)، وَيصِحُّ بَيْعُ الفِيل وَالفَهْدِ وَالهِرَّةِ، وَكَذا المَاءُ (و) وَالتُّرَابُ وَالحِجَارَةُ وَإِنْ كَثُرَ وُجُودُهَا لِتَحَقُّقِ المَنْفَعَةِ، وَيَجُوزُ بَيْعُ (م ح) لَبَنِ الآدَمِيَّاتِ؛ لأَنَّهُ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ.
قال الرافعي: الشرط الثاني: كون المبيع منتفعاً به، وإلاَّ لم يكن مالاً وكان أخذ المال مقابلته قريباً من أكل المال بالباطل، ولخلوّ الشي عن المنفعة سببان:
أحدهما: القلَّة كالحبة من الحِنْطَة والحبتين والزَّبِيْبَة وغيرهما فإن ذلك القدر لا يعد مالاً، ولا يبذل في مقابلته المال، ولا ينظر إلى ظهور الانتفاع إذا ضمَّ هذا القدر إلى أمثاله، ولا إلى ما يفرض من وضع الحَبَّة الواحدة في الفَخِّ، ولا فرق في ذلك بين زمان الرّخص والغَلاَء، ومع هذا فلا يجوز أخذ الحَبَّة والجَبَّتَيْن من صُبرة الغير، إذ لو جوزناه لا نجر ذلك إلى أخذ الكثير.
ولو أخذ الحبة ونحوها، فعليه الرد، فإن تلفت فلا ضمان، إذ لا مالية لها، وعن القفال: أنه يضمن مثلها.
والثاني: الخِسَّة كالحشرات (¬1)، واعلم: أن الحيوانات الطاهرة على ضربين:
أحدهما: ما ينتفع به فيجوز بيعه كالغنم والبِغَال والحَمِير، ومن الصُّيُود كالظِّبَاء (¬2)
¬__________
= لصيد أو ماشية أو زرع، وما في معناها هذا نصه. واتفق الأصحاب على جواز اقتنائه لهذه الثلاثة، وعلى اقتنائه لتعليم الصيد ونحوه، والأصح: جواز اقتنائه لحفظ الدور والدروب وتربية الجرو لذلك وتحريم اقتائه قبل شراء الماشية والزرع، وكذا كلب الصيد لمن لا يصيد. ويجوز اقتناء السرجين وتربية الزرع به لكن يكره واقتناء الخمر مذكور في كتاب "الرهن" ينظر روضة الطالبين (3/ 13 - 14).
(¬1) يستثنى من ذلك ما يؤكل منها كالقنفذ، والضب، وأم حبين، وكذا بيع العلق لمنفعة امتصاص الدم على الأصح.
(¬2) [قال الكرخيّ الظباء ذكور الغزلان والأنثى الغزال قال الإمام وهذا وهم فإن الغزال ولد الظبية إلى أن يشتد ويطلع قرناه قال الإمام النوويّ الذي قاله الإمام هو المعتمد وقول صاحب التنبيه فإن أتلف ظبياً ماخضاً قال النوويّ صوابه ظبية ماخضاً لأن الماخض الحامل ولا يقال في الأنثى إلا ظبية والذكر ظبي وجمعت الظبية على ظباء كركوة وركاء لأن ما كان على فعله بفتح أوّله من المعتلّ ممدود ولم يخالف هذا إلا القرية فإنها جمعت على قرى على غير قياس فجاء مخالفاً للباب فلا يقاس عليه قاله الجوهريّ وتكنى الظبية أمّ الخشف وأمّ شادن وأمّ الطلا والظباء مختلفة الألوان وهي ثلاثة أصناف صنف يقال له الآرام وهي ظباء بيض خالصة البياض الواحد منها ريم =

الصفحة 26