كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

وعن القاضي حسين حكاية وجه في صحة بيعها لأنها طاهرة، والانتفاع بجلودها متوقع في المآل، ولا يجوز بيع الحِدَأة (¬1) والرّخَمَة (¬2) والغُرَاب، فإن كان في أجنحة بعضهما فائدة جاء فيها الوجه الذي حكاه القاضي، هكذا قاله الإمام، لكن بينهما فرق؛ لأن الجلود تدبغ فتطهر، ولا سبيل إلى تطهير الأجنحة (¬3)، وفي بيع العَلَق وجهان:
أظهرهما: الجواز لمنفعة امتصاص الدَّم والسُّم إن كان يقتل بالكثرة، وينتفع بقليله كالسُّقمونيا والأَفْيُون جاز بيعه، وإن قتل كثيره وقليله، فجواب الجمهور فيه المَنْع، ومال الإمام وشيخه إلى الجواز، ليدسَّ في طعام الكافر، وفي بيع الحِمَار الزَّمِن الذي لا منفعة فيه وجهان:
¬__________
= وعليها سور كانت الروم بنَتْه وأتمه أنوشروان الملك عند فتحه إياها] ينظر معجم البلدان (5/ 333).
(¬1) الحدأة بكسر الحاء المهملة أخس الطير وكنيته أبو الخطاف وأبو الصلت ولا تقل حدأة بفتح الحاء لأنها الفأس التي لها رأسان وقد جاء في الحديث الحديا على وزن الثريا كذا قيده الأصلي وقد جاء الحديأة بغير همز وفي بعض الروايات الحديثة بالهمزة كأنه تصغير ذكره الصاغاني قال وصواب تصغيره الحديئة بالهمز وإن ألقيت حركة الهمزة على الياء شدتها وقلت الحدية على مثال عليه وفي الحديث لا بأس بقتل الحدو.
(¬2) الرخمة بالتحريك طائراً يقع يشبه النسر في الخلفة وكنيتها أم جعران وأم رسالة وأم عجيية وأم قيس وأم كبير ويقال لها الأنوق والجمع رخم والهاء فيه للجنس قال الأعشى:
يا رخماً قاظ على مطلوب ... يعجل كف الخارمي المطيب
مطلوب اسم جبل والمطيب معناه الذي يطلب طيب النفس بالاستنجاء ومنه الاستطابة وتسمى الرخمة بالأنوق كما تقدم ويقال لها ذات الاسمين لذلك وهي تحمق مع تحرزها قال الكميت:
وذات أسمين والألوان شتى ... تحمق وهي كيسة الحويل
الحيلة وذكر عند الشعبي الروافض فقال لو كانوا من الدواب لكانوا حمراً ولو كانوا من الطير لكانوا رخماً من طبع هذا الطائر أنه لا يرضى من الجبال إلا بالموحش منها ولا من الأماكن إلا بأسحقها وأبعدها من أماكن أعدائه ولا من الهضاب إلا بصخورها لذلك تضرب العرب المثل بالامتناع ببيضه فيقولون أعز من بيض الأنوق كم تقدم والأنثى منه لا تمكن من نفسها غير ذكرها وتبيض بيضة واحدة وربما أتأمت وهي من أم الطير وهي ثلاثة البوم والغراب والرخمة (وحكمها) تحريم الأكل] [روى البيهقي عن عكرمة بن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أكل الرخمة وإسناده ليس بقوي وقال الإمام العلامة القرطبي: في تفسير آخر. سورة الأحزاب كالذين آذوا موسى بقولهم أنه قتل أخاه فتكلمت الملائكة بموته ولم يعرف موضع قبره إلا الرخمة فلذلك جعله الله أصم أبكم وكذلك رواه الحاكم المستدرك وفي كتاب تواريخ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقال الزمخشري إنها تقول في صباحها سبحان ربي. ينظر حياة الحيوان.
(¬3) وجه الجواز الانتفاع برشها في النبل فإنه وإن قلنا بنجاسته يجوز الانتفاع به في النيل وغيره من اليابسات. ينظر الروضة (3/ 16).

الصفحة 29