كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

أظهرهما: المنع، بخلاف العبد الزَّمِن فإنه يتقرب بإعتاقه.
والثاني: الجواز لغرض الجلد في المآل.
وقوله في الكتاب: "باطل" يجوز أن يعلّم بالواو للوجه الذي ذكرنا في الأَسَد ونحوه، وأيضاً فإن صاحب "التتمة" نقل في بيع ما لا منفعة فيه لقلته وجهين، ثم في الفصل صور:
إحداها: آلات المَلاَهي كالمزامِير والطَّنَابير وغيرهما، فإن كانت بحيث لا تعدُّ بعد الرَّضِّ والحلّ مالاً، فلا يجوز بيعهما، والمنفعة التي فيها لما كانت محظورة شرعاً كانت ملحقة بالمنافع المعدومة حسّاً، وإن كان الرّضَاض يعد مالاً، ففي جواز بيعها قبل الرَّضِّ وجهان:
أحدهما: الجواز، لما فيه من المنفعة المتوقعة.
وأظهرهما: المنع؛ لأنهما على هيئة آلة الفَسْق ولا يقصد بها غيره، وتوسط الإمام بين الوجهين فذكر وجهاً ثالثاً وهو: أنها إن اتخذت من جواهر نفيسة صح بيعها؛ لأنها مقصودة في نفسها وإن اتخذت من خشب ونحوه فلا، وهذا أظهر عنده وتابعه المصنف في "الوسيط"، لكن جواب عامة الأصحاب المنع المطلق، وهو ظاهر لفظه هاهنا، ويدل عليه خبر جابر المَرْوِيّ في أول الركن.
فرع: الجارية المغنِّية إذا اشتراها بألفين، ولولا الغناء لكانت لا تطلب إلا بألف حكى الشيخ أبو علي المحمودي: أفتى ببطلان البيع، لأنه بذل مال في مَعْصية وعن الشيخ أبي زيد: أنه إن قصد الغناء بطل، وإلا فلا.
وعن الأَوْدَنِيّ: أن كل ذلك استحسان، والقياس الصحة (¬1).
الثانية: بيع المياه المملوكة صحيح؛ لأنه طاهر منتفع به.
وفيه وجه: أنه لا سبيل إلى بيعه، ولا نبسط القول في المسألة بذكرها في "إحياء الموات" إن شاء الله تعالى فإن أقسام المياه من المملوك وغير مذكورة ثم وصحة البيع من تفاريع الملك.
الثالثة: إذا جوزنا بيع الماء، ففي بيعه على (¬2) شطِّ النهر، وبيع التراب في
¬__________
(¬1) الأصح: قول الأودني. قال إمام الحرمين: هو القياس السديد. ولو بيعت بألف صح قطعاً ويجري الخلاف في كبش النطاح، والديك، والهراش، ولو باع إناءً من ذهب وفضة صح قطعاً لأن المقصود الذهب فقط ذكره القاضي أبو الطيب: قال المتولي: يكره بيع الشطرنج قال: والنرد أن صلح لبيادق الشطرنج فكالشطرنج وإلا فكالمزمار. ينظر روضة الطالبين (3/ 16).
(¬2) الشط جانب الوادي والنهر.

الصفحة 30