كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

الصحراء، وبيع الحجارة فيما بين الشِّعَاب الكثيرة الأحجار وجهان نقلهما في "التَّتمة".
أحدهما: لا يجوز أنه بذل المال لتحصيله مع وجدان مثله بلا مُؤْنَة وتعب نفسه.
وأصحهما وهو المذكور في الكتاب: أنه يجوز؛ لأن المنفعة فيها يَسِيْرة ظاهرة، وإمكان تحصيلها من مثله لا يَقْدَح في صحته.
الرابعة: بيع لَبْن الآدَمِيَّات صحيح، خلافاً لأبي حنيفة ومالك، ولأحمد -رضي الله عنه- أيضاً في إحدى الرّوايتين، لنا أنه مال طاهر منتفع به فأشبه لَبَنَ الشَّاة.
قال الغزالي: الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكاً لِمَنْ وَقَعَ العَقْدُ لَهُ، فَبَيْعُ الفُضُولِيِّ مَالَ الغَيْرِ لاَ يَقِفُ (ح) عَلَى إِجَازتهِ عَلَى المَذْهَبِ الجَدِيد، وَكذَلِكَ بَيْعُ الغَاصِبِ وَإِنْ كَثُرَتْ تَصَرُّفَاتُهُ في أَثْمَانِ المَغْصُوبَات عَلَى أَقْيَسِ الوَجْهَيْنِ فَيُحْكَمُ بِبُطْلاَنِ الكُلِّ، وَلَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ عَلَى ظَنِّ أنَّهُ حَيٌّ فإذَا هُوَ مَيِّتٌ وَالمَبِيعُ مِلْكُ البَائِعِ حُكِمَ بِصحَّةِ البَيْعِ عَلَى أَسَدِّ القَوْلَيْنِ.
قال الرافعي: الشرط الثالث في المبيع: كونه ملكاً لمن يقع العقد له إن كان يباشره لنفسه، فينبغي أن يكون له، فإن كان يباشره لغيره بِولاَيَة أو وِكَالَة، فينبغي أن يكون لذلك الغير.
وقوله هنا "لا لمن وقع العقد له"، يبين أن المراد من قوله: مسلوكاً للعاقد في أول الركن ما أوضحه هاهنا.
واعلم: أن اعتبار هذا الشرط ليس متفقاً عليه، ولكنه مفرع على الأصح كما ستعرفه -إن شاء الله تعالى- هذا الفصل ثلاث:
أحدها: إذا باع مال الغير بغير إذن ولا ولاية ففيه قولان:
الجديد: أنه لاغٍ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لحكيم بن حزام: "لاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ" (¬1).
وأيضاً فإن بيع الآبِق غير صحيح مع كونه مملوكاً له، لعدم القدرة على التسليم، فبيع ما لا يملك ولا قدرة على تسليمه أولى.
والقديم: أنه ينعقد موقوفاً على إجازة المالك إن أجاز نفذ، وإلا لَغَا لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- "دَفَعَ دِينَاراً إِلَى عُرْوَةَ البَارِقِيّ لِيَشْتَرِيَ بِهِ شَاةً فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ، وَبَاعَ إحْدَاهُمَا
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود (3503) والترمذي (1232) والنسائي (7/ 289) وابن ماجة (2187) والبيهقي (5/ 267، 317، 339).

الصفحة 31