كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

بدِينَارٍ، وَجَاءَ بشَاةٍ وَدِينَارٍ، فَقَال النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: بَارَكَ اللهُ فِي صَفْقَةِ يَمِينِكَ" (¬1) والاستدلال أَنه باع الشَّاة الثانية من غير إذن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- ثم انه أجازه، ولأنه عقد له تَنْجِيز في الحال فينعقد موقوفاً كالوصية، والقولان جاريان فيما لو زوج أمه الغير أو ابنته أو طلق منكوحته أو عتق عبده أو أجَّر داره أو وهبها بغير إذنه، ولو اشترى الفُضُولي لغيره شيئاً، نظر إن اشترى بغيره ما له ففيه قولان، وإن اشترى في الذمة، نظر إن أطلق ونوى كونه للغير، فعلى الجديد يقع عن المباشر، وعلى القديم يتوقف على الإجازة، فإن رد نفذ في حقه، ولو قال: اشتريت لفلان بألف في ذمتي، فالحكم كما لو اشترى بعين ماله، ولو اقتصر على قوله: "اشتريت لفلان بألف"، ولم يضف الثمن إلى ذمته، فعلى الجديد فيه وجهان:
أحدها: يلغو العقد وتَلْغُو التَّسمية والثاني يقع العقد عن المباشر (¬2) وعلى القديم: يتوقَّف على إجازة ذلك الغير، فإن رد ففيه وجهان، ولو اشترى شيئاً لغيره بمال نفسه، نظر إن لم يسمه وقع العقد عن المباشر سواء أذن ذلك الغير أم لا، وإن سماه نظر إن لم يأذن له لَغَت التَّسمية، وهل يقع عنه أم يبطل من أصله؟
فيه وجهان، وإن أذن له، فهل تلغو التسمية؟ فيه وجهان، إن قلنا: نعم، فيبطل من أصله أو يقع عن العاقد فيه وجهان، وإن قلنا: لا وقع عن الآذن، والثمن المدفوع يكون قرضاً أو هبة فيه وجهان.
ويجوز أن يعلّم قوله في الكتاب: "لا يقف على إجازته" بالميم والألف والحاء. أما الميم؛ فلأن مذهب مالك كالقول القديم، وأما الألف فلأن عن أحمد روايتين كالقولين. أما الحاء؛ فلأن مذهب أبي حنيفة كالقول القديم في البيع والنكاح.
وأما في الشراء فقد قال في صورة شراء المطلق: يقع عن جهة العاقد ولا ينعقد موقوفاً، وعن أصحابه، اختلاف فيما إذا سمي الغير، وشرط الوقف عند أبي حنيفة أن يكون للعقد تَنْجِيز في الحال مالكاً كان أو غير مالك حتى لو أعتق عبد الطفل أو طلق امرأته لا يتوقف على إجازته بعد البُلُوغ، والمعتبر إجازة من يملك التَّصرف عند العقد، حتى لو باع مال الطِّفْل فبلغ وأجاز لم ينفذ، وكذا لو باع مال الغير ثم ملكه وأجاز.
قال الشيخ أبو محمد: ولا نخالف في ذلك أبا حنيفة إذا فرعنا على القديم.
وذكر إمام الحرمين: أن العراقيين لم يعرفوا القول القديم في المسألة وقطعوا بالبطلان وهذا إن استمر اقتضى إعلام قوله "على المذهب الجديد" بالواو، وإنما أتوقف
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود (3384، 3385) والترمذي (1258) وابن ماجة (2402).
(¬2) قال في "المهمات" الأصح وقوعه عن المباشر كما ذكر ذلك الرافعي في "باب الوكالة".

الصفحة 32