كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

فيه، لأن الذي أَلفته في كتب العراقيين الاقتصار على ذكر البطلان (¬1) لا نفي الخلاف المذكور والمفهوم من إطلاق لفظ القطع في مثل هذا المقام، وفرق بين أن لا يذكر الخلاف وبين أن لا يبقى.
المسألة الثانية: لو غصب أموالاً وباعها وتصرَّف في أثمانها مرة بعد أخرى ففيه قولان:
أصحهما: البطلان (¬2).
والثاني: للمالك أن يجيزها ويأخذ الحاصل منها، وصورة المسألة وما فيها من القولين قريبة من الأولى، ويزاد فيها عُسْر تتبع العقود الكثيرة بالنقض والإبطال ورعاية مصلحة المالك، وعلى هذا الخلاف يبنى الخلاف في أن الغاصب إذا ربح في المال المغصوب يكون الربح له أو للمالك على ما سيأتي في "باب القراض" وغيره -إن شاء الله تعالى-.
الثالثة: لو باع مال أبيه على ظن أنه حيٌّ وهو فُضُولي فَبَانَ أنه كان ميتاً يومئذ، وأن المبيع ملك للعاقد ففيه قولان:
أصحهما: أن البيع صحيح لصدوره من المالك، ويخالف ما لو أخرج دراهم، وقال: إن مات مورثي فهذا زكاة ما ورثته، وكان قد ورث لا يجزئه؛ لأن النِّيَّة لا بد منها في الزكاة، ولم تُبْنَ نيته على أصل، وفي البيع لا حاجة إلى النية.
الثاني: أنه باطل؛ لأن هذا العقد وإن كان منجزاً في الصورة فهو في المعنى معلق، والتقدير: إن مات مورثي فقد بعتك، وأيضاً فإنه كالعَابِث عند مباشرة العقد لاعتقاده أن المبيع لغيره، ولا يبعد تشبيه هذا الخلاف بالخلاف في أن بيع الهازل هل ينعقد؟ وفيه وجهان، والخلاف في بيع التَّلْجِئَة وصورته: أن يخاف غصب ماله أو الإكراه على بيعه فيبيعه من إنسان بيعاً مطلقاً، ولكن توافقاً قبله على أنه لدفع الشر لا على حقيقة البَيْع، وظاهر الذهب: انعقاده، وفيه وجه، ويجري الخلاف فيما إذا باع العبد على ظنه أنه آبِق أو مُكَاتب، فإذا هو قد رجع أو فسخ الكتابة، ويجري أيضاً فيما
¬__________
(¬1) قال النووي: قد ذكر هذا القديم من العراقيين، المحاملي في "اللباب" والشاشي، وصاحب "البيان"، ونَصَّ عليه في "البويطي"، وهو قوي، وإن كان الأظهر عند الأصحاب هو الجديد. يظر روضة الطالبين (3/ 18).
(¬2) صورة المسألة: أن يكون التصرف في عين المغصوب، فإما لو اشترى في الذمة ثم مسلم المغصوب عما التزم صح قطعاً. قيل ولا يحسن قول المهمات محلها يعني القولين إذا تصرف في العين وإن باع في الذمة وربح، فالربح للغاصب في الجديد لأن الكلام في صحة وما ذكره خلاف في الربح بعد الجزم بالصحة.

الصفحة 33