كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

على تسليمه في الحال هذا هو المشهور، قال الأئمة: ولا يشترط في الحكم بِالبُطْلان اليأس من التَّسليم، بل يكفي ظهور التَّعذر، وأحسن بعض الأصحاب فقال: إذا عرف مكانه وعلم أنه يصل إليه إذا رام الوصول فليس له حكم الآبق.
الثانية: إذا باع الملك ماله المغصوب نظر إن كان يقدر على استرداده وتسليمه صح البيع، كما يصح بيع الوَدِيعة والعَارِيَة وإن لم يقدر نظر إن باعه ممن لا يقدر على انتزاعه من يد الغاصب لم يصح لما سبق (¬1) وإن باعه ممن يقدر على انتزاعه منه ففي صحة البيع وجهان:
أحدهما: لا يصح؛ لأن البائع يجب عليه التسليم وهو عاجز.
وأصحُّهما: الصحة؛ لأن المقصود وصول المشتري إلى المبيع، وعلى هذا إن علم المشتري حقيقة الحال فلا خيار له، ولكن لو عجز عن الانتزاع لضعف عرض له أو قوة عرضت لِلْغَاصب فله الخيار (¬2)، وفيه وجه آخر أشار إليه الإمام، وإن كان جاهلاً عند العقد فله الخيار؛ لأن البيع لا يلزمه كُلْفة الانتزاع.
وقوله في الكتاب: "ثم له الخيار إن عجز" المراد منه حالة العلم؛ لأن عند الجهل لا يشترط العجز في ثبوت الخيار، ويجوز أن يعلّم بالواو للوجه المشار إليه.
ولو باع الآبق ممن يسهل عليه رده، ففيه الوجهان المذكوران في المغصوب، ويجوز تزويج الآَبِقَة والمَغْصُوبة وإعتاقُهُمَا، وذكر في البيان: أنه لا يجوز كتابة المغصوب؛ لأن الكتابة تقتضي مُكْنة التصرف وهو ممنوع منه.
¬__________
= والثانية: إذا اشترى رجل أباه الآبق أو ولده ففي صحة البيع وجهان. قال صاحب التوسط: والأشبه الصحة فيهما وهو ظاهر في الأولى فيما إذا أراد عتقه تطوعاً لا عن كفارته ويشبه أن يلتحق بما ذكره ما لو اشترى من شهد بعتقه ورداً ومن كان أقر بحريته.
(¬1) يستثنى البيع الضمني كما لو قال أعتق عبدك عني بكذا فإنه يصح كما هو مذكور في باب كفارة الظهار ولا خفاء أنه لو باعه من الغاصب نفسه صح كما جزم به الرافعي في باب الشركة وقال ابن الرفعة هنا أنه لا يعرف فيه خلافاً. قاله البكري.
(¬2) قال ابن الرفعة: لو كانت قدرة المشتري تحتاج إلى مؤنة ينبغي إبطال العقد وهو ظاهر وعن فتاوي القفال أنه لو قال المشتري عند الحاكم كنت أظن أني أقدر على قبضه والآن لا أقدر عليه فيحلف ويحكم بأن البيع لم ينعقد وأما إن قال: كنت أقدر عليه لكن حدث بيني وبينه عداوة فكذلك لا أقدر عليه حلف المشتري فسخ البيع ولم يتبين أن العقد لم ينعقد. وقال ابن الرفعة: لا خلاف أن البيع لا يبطل بطريان العجز. نعم إن انكشف الحال على أن المشتري كان عاجزاً حين العقد كالبائع فهل يتبين بطلان العقد يتجه تخريجه على ما لو باع صبرة على ظن أنها على أرض مستوية فبان تحتها دكة فهل يبطل العقد لاختلاف الظن أو يثبت الخيار، فيه اختلاف.

الصفحة 35