كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

والثاني وبه قال أبو حنيفة وأحمد والمُزني: أنه يصح لأن هذا الحق تعلق به من غير اختيار المالك، فلا يمنع صحة البيع كحق الزكاة ويخالف المرهون، لأنه بالرهن منع نفسه من التصرف وهاهنا لم يعقد عقداً، ولم يحجز نفسه عن التصرف، وفي "التتمة" أن بعض أصحابنا خرج قولاً ثالثاً وهو أن البيع موقوف، فإن فداه نفذ وإلا فلا.
والطريق الثاني: القطع بالمنع كما في المرهون.
التفريع: إن لم نصحح البيع فالسَّيد على خيرته، إن شاء فداه، وإلا سلمه ليباع في الجناية، وإن صححنا فالسيد مختار للفداء ببيعه مع العلم بجنايته فيجبر على تسليمه، لأنه بالبيع فوت محل حقه فأشبه ما لو أعتقه أو قتله، وبهذا قال أبو حنيفة.
وفيه وجه: أنه ليس مختاراً للفداء، بل هو على خيرته إن أفدى أمضى البيع وإلاَّ فسخ، وعلى الأول وهو المذهب لو تعذر تحصيل الفداء، أو تأخر لإفلاسه أو غيبته، أو صبره على الحَبْس فسخ البيع، وبيع في الجناية لأن حق المجني عليه أقدم من حق المشتري، هذا إذا أوجبت الجناية المال بأن كانت خطأ أو شبه عمد، أو كانت واردة على الأموال، وكذا الحكم لو أوجبت القِصَاص، لكن المستحق عَفَا على مال ثم فرض البيع.
فأما إذا أوجبت القِصَاص ولا عفو فطريقان:
أحدهما: طرد القولين وبه قال ابْنُ خَيْرَان، ومن القائلين بهذه الطريقة من بني القولين على أن موجب العمد ماذا؟ إن قلنا: موجبه القود المحض صح بيعه كبيع المرتد، وإن قلنا: موجبه أحد الأمرين فهو كبيع المرهون.
وأصحهما: القطع بالصحة لبقاء المالية بحالها، وتوقع الهَلاَك كتوقع موت المَرِيض المشرف على المَوْت، وإذا وقع السؤال عن بيع العَبْدِ الجَانِي مطلقاً، فالجواب فيه ثلاث طرق:
أحدها: أنه إن كانت الجِنَايَة موجبة للقصَاص فهو صحيح، وإن كانت موجبة للمال فقولان:
والثاني: إن كانت موجبة للمال فهو غير صحيح، وإن كانت موجبة للقصاص فقولان:
والثالث: طرد القولين في الحالتين، ولو أعتق السيد العبد الجاني، نظر إن كان معسراً فأصح القولين: أنه لا ينفذ، وإن كان موسراً ففي نفوذه ثلاثة أقوال:
أصحهما: النفوذ.
وثانيها: أنه موقوف إن فداه نفذ، وإلاّ فلا. ومنهم من قطع بالنفوذ إذا كان

الصفحة 39