كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)
كِتَابُ السَّلَم (¬1) وَالقَرْضِ، وَفِيهِ بَابَانِ
الأَوَّلُ، فِي شَرَائِطِهِ
قال الغزالي: وَالمُتَّفَقُ عَلَيهِ مِنْهَا خَمْسَةٌ: الأَوَّلُ: تَسْلِيمُ رَأْسِ المَالِ فِي المَجْلِسِ جَبْراً لِلغَرَرِ فِي الجَانِبِ الآخَرِ، وَلَوْ كانَ فِي الذِّمَّةِ فَعَيَّنَ فِي المَجْلِسِ فَهُوَ كالتَّعْيِينِ في العَقْدِ، وَكَذَلِكَ فِي الصَّرْفِ، وَفي مِثْلِ ذَلِكَ فِي بَيْعَ الطَّعَامِ خِلاَفٌ، وَمَهْمَا فُسِخَ السَّلَمُ اسْتُرِدَّ عَيْنُ رَأْسِ المَالِ وَإِنْ كَانَ قَدْ عُيّنَ بَعْدَ العَقْدِ عَلَى الأَصَحِّ.
قال الرَّافِعِيُّ: قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} الآية. (¬2)
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ السَّلَم (¬3).
وروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي التَّمْرِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَرُبَّمَا قَالَ: وَالثَّلاثَ، فَقَالَ: "مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومِ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ" (¬4).
وجمع في هذا الكتاب بين السَّلَم والقَرْض لتقاربهما واشتراكهما لفظًا ومعنى.
أما اللفظ فلأن كل واحد منهما يسمى سَلَفا.
وأما المعنى فلأن كل واحد منهما إثبات مال في الذِّمَّة مبذول في الحال.
¬__________
(¬1) السلم لغة: والسلم بالتحريك السلف، وأسلم في الشيء وسلم وأسلف بمعنى واحد والاسم السلم. انظر لسان العرب: 3/ 2081، المصباح المنير: 2/ 286، تحرير التنبيه: 209. واصطلاحاً: عرفه الحنفية بأنه: عبارة عن نوع بيع معجل فيه الثمن -هو أخذ عاجل بآجل. عرفه الشافعية بأنه: بيع موصوف في الذمة. عرفه المالكية بأنه: بيع شيء موصوف في الذمة بغير جنسه مؤجلاً. عرفه الحنابلة بأنه: عقد على موصوف في بذمة مؤجل بثمن مقبوض بمجلس عقد.
انظر: مغني المحتاج: 2/ 102، مواهب الجليل: 4/ 514، مطالب أولي النهي: 3/ 207، حاشية ابن عابدين: 4/ 203، أسهل المبارك: 2/ 311، كشاف القناع: 3/ 288.
(¬2) سورة البقرة (282).
(¬3) أخرجه البيهقي 6/ 18 بإسناد صحيح.
(¬4) أخرجه البخاري 2239، ومسلم 1604.
الصفحة 390