كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

موسراً، وبعدم النُّفُوذ إذا كان معسراً بخلاف المرهون والفرق أما عند اليسار فلأنه بسبيل من نقل حق المجني عليه إلى ذمته باختيار الفداء، فإذا أعتق انتقل الحق إلى ذمته، وفي الرهن بخلافه.
وأما عند الإعسار فلأن حق المجني عليه متعلق بالرقبة، ولا تعلق له بذمة السيد، وفي حق المرتهن متعلّق بهما جميعاً، فنفوذ الإعتاق هاهنا يبطل الحق بالكلية، وفي الرهن غايته قطع أحد التَّعْلقين واسْتِيلاد الجانية كإعتاقها، ومتى فدا السيد العبد الجاني يفديه بأقل الأمرين من الأَرْش، وقيمة العبد أو بالأرض بالغاً ما بلغ فيه خلاف يأتي في موضعه -إن شاء الله تعالى- والأصح الأول (¬1).
وأما لفظ الكتاب فقد عرفت بما ألقيت عليك من الشرح أن قوله: "ولا يصح بيع نصف من سيف" معناه: بيع نصف معين، وكذا قوله: "بيع ذراع من كِرْبَاس"، ولفظ النَّصْل لا يختص بالسَّهم، أَلاَ ترى أن صاحب "الصحاح" يقول في تعريفه: والنَّصْل نصل السَّهم والسَّيف والسِّكين والرُّمح.
وقوله: "الفَصْل ينقصه والبيع لا يوجب نقصان غير المبيع، أراد به أن التسليم لا يحصل إلاَّ بالتفصيل والقطع والتسليم لا بد منه، فلو صححنا البيع، وألزمناه القطع كان هذا إلزام تنقيص فيما ليس مبيعاً، وهذه عبارة صاحب "النهاية"، ثم نظم الكتاب قد يوهم خروج هذه المسألة عن صور العجز الشرعي، بل حصر العجز الشّرعي في المرهون؛ لأنه ذكر المسألة، ثم قال: ولا يصح بيع ما عجز عن تسليمه شرعا وهو المرهون، لكنه عدها في "الوسيط" من صورة، وقال: البيع لا يلزم تنقيص عن المبيع، والشرع قد يمنعه منه إذا كان فيه إِسْرَاف.
وقوله: "جناية تعلق الأرض برقبته"، يجوز أن يقرأ تعلق -بفتح التاء واللام- ويجوز أن يقرأ "تعلق" على إيقاع فعل التعليق على الجناية.
وقوله: "صح بيعه على أقوى القولين" ترجيج لقول الصحة، لكن الشافعي -رضي الله عنه- نص على القولين في "المختصر"، وصرح باختيار المنع، وبه قال طبقات الأصحاب، ثم يجوز أن يعلّم ذكر الخلاف بالواو للطريقة القاطعة بالمنع، وكذا قوله: "وكان التزاماً للفداء للوجه الذي سبق ذكره.
¬__________
(¬1) ولو ولدت الجارية، لم يتعلق الأرش بالولد قطعاً، ذكره القاضي أبو الطيب في "نماء الرهن" ينظر الروضة (3/ 23). وكذا ذكره هنا في "باب الرهن" ولفظه لنا القياس على ولد الجانية فإن الأرش لا يتعلق به بالاتفاق وتعرض له أيضاً في كتاب النكاح وقد نص عليه الشافعي في الأم في جناية المدبر.

الصفحة 40