كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

وقوله: "لأنه لم يحجر على نفسه ... " إلى آخره إشارة إلى الفرق بينه وبين المرهون.
قال الغزالي: الخَامِسُ: العِلْمُ وَلْيَكُنْ المَبِيْعُ مَعْلُومَ العَيْن، وَالقدْرِ، وَالصِّفَةِ، أَمَّا العَيْنُ فَالجَهْلُ به مُبْطِلٌ، وَنَعْني بِهِ أنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْتُ مِنْكَ عَبْداً مِنَ العَبيدِ (ح) أَوْ شَاةً مِنَ القَطِيع بَطُلَ (ح)، وَلَوْ قَالَ: بِعْتُ صاعاً مِنْ هَذِه الصُّبْرةِ وَكَانَتْ مَعْلُومَةَ الصِّيعَانِ صَحَّ وَنَزَلَ عَلَى الإِشَاعَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ الصِّيعَانِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى اخْتِيَارِ القَفَّالِ لِتَعَذُّرِ الإشَاعَةِ وَوُجُودِ الإِبْهَامِ، وَإبْهَامُ مَمَرِّ الأَرْضِ المَبِيعَةِ كَإِبْهَامِ نَفْسِ المَبِيع، وَبَيْعُ بَيْتٍ مِنْ دَارٍ دُونَ حَقِّ المَمَرِّ جَائِزٌ عَلَى الأَصَحِّ.
قال الرافعي: الشرط الخامس: كون المبيع معلوماً (¬1) ليعرف أنه ما الَّذِي ملك بإزاء ما بذل فينفي الغَرَر، ولا شك أنه لا يشترط العلم به من كل وجه، فبين ما يعتبر العلم به وهو ثلاثة أشياء: عَيْن المبيع، وقدره، وصفته.
أما العين: فالقصد به أنه لو قال: "بعت عبداً من العبيد، أو أحد عبدي، أو عبيدي هؤلاء أو شاة من هذا القطيع" فهو باطل، هكذا لو قال: بعتهم إلا واحداً ولم يعين المستثنى، لأن المبيع غير معلوم، ولا فرق بين أن تتقارب قيم العبيد، والشياه أو تتباعد، ولا بين عدد من العبيد وعدد، ولا بين أن يقول على أن تختار أيهم شئت، أولاً يقول، ولا إذا قال: ذلك بين أن يقدر زمان الاختيار أو لا يقدر. وعن أبي حنيفة: أنه إذا قال: بعتك أحد عبدي أو عبيدي الثلاثة على أن تختار من شئت في ثلاثة أيام أو دونها صح العقد، وأغرب المُتَوَلِّي فحكى عن القديم قولاً مثله، ووجهه بأن الشرع
¬__________
(¬1) يستثنى صور
أحدها: اختلاط حمام برج ببرج آخر وباع أحدهما ماله لصاحبه فإنه يصح على الأصح وكذا البيع لثالث في هذه الصورة بشرط أن يعلم كل واحد فقيمة ملكه أو يتصالحا على قدر.
ثانيها: بيع صاع من صبرة مجهولة الصيعان فإن المبيع واحد مبهم.
ثالثها: إذا باع المال الزكوي بعد الوجوب وقبل إخراج الزكاة فالأصح بطلانه في قدر الزكاة وصحته في الباقي وهو غير معين.
رابعها: إذا أعار أرضاً للبناء والغراس ثم رجع واتفقا على بيع الأرض والبناء والغراس بثمن واحد فالمذهب القطع بالصحة للحاجة.
خامسها: بيع الفقاع في كورة والشرب من السقاء وشرب الدابة من الحوض.
سادسها: أرض بين اثنين لا يعلم أحدهما مقدار حقه منها فباعا جميعها من رجل ثم عرف نصيبه. قال الروياني في الفروع المنثورة آخر الباب: يصح إذا جوزنا تفريق الصفقة لأن ما تناوله البيع لفظاً معلوم. قال: وفي كلام الأصحاب ما يدل عليه.

الصفحة 41