كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

كِتَابُ الرَّهْنِ
قال الغزالي: وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ:

البَابُ الأَوَّلُ في أَرْكَانِهِ
وَهِيَ أَرْبَعَةْ: الرَّاهِنُ وَالمَرْهُونُ وَالمَرْهُونُ بِهِ وَصِيغَةُ الرَّهنِ الرُّكْنُ الأَوَّلُ المَرْهُونُ وَفيهِ ثَلاَثَةُ شَرَائِطَ: الأُوليَ أَنْ يَكُونَ عَيْناً فلاَ يَجُوزُ رَهْنُ الدَّيْنِ، لأَنَّ الرَّهْنِ عِبَارَةٌ عَنْ وَثيقَةِ دَيْنٍ فِي عَيْنٍ، وَإذَا كانَ عَيْناً لَمْ يُشْتَرَطُ (ح) فِيهِ الإِفْرَازُ بَلْ يَصِحُّ رَهْنُ الشَّائِعِ وَيَكُونُ علَى المُهَايَأَةِ كَمَا فِي شُرَكَاءِ المِلْكِ.
قال الرَّافِعِيُّ: أصل الرَّهْن (¬1) مجمع عليه، والكتاب والسنة متعرضان له.
قال -تعالى-: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (¬2).
"وَرَهَنَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- دِرْعَهُ مِنْ يَهُودِيَّ فَتُوُفَّيَ وَهِيَ مَرْهُونَةٌ عِنْدَهُ" (¬3).
¬__________
(¬1) الرهن لغة الثبوت والدوام، يقال: ماءٌ راهن، أي: راكد، ونعمة راهنة، أي: ثابتة دائمة، وقيل: هو من الحبْس. قال الله تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21] وقال: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38] وجمعه رِهَانٌ، كَحَبْلٍ وحِبال (1)، وَرَهْنٌ كسَقْفٍ وسقُفُ، عن أَبي عمرو بن العلاء. قال الأخفش: وهي قبيحة، وقيل: رُهُنٌ جمع رِهان، ككِتابٍ وكُتُب، ويقال: رَهَنْت الشيء وأرهنته بمعنى، قال المصنف رحمه الله: وهو في الشرع: المال الذي يجعل وثيقةٌ بالدَّيْنِ، ليستوفى من ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه. انظر: لسان العرب: 3/ 1757 - 1758، المصباح المنير: 1/ 330، الصحاح: 5/ 2128، المغرب: 1/ 356. واصطلاحاً: عرفه الحنفية بأنه: جعل الشيء محبوساً بحق يمكن استيفاؤه من الرهن كالديون، وعرفه الشافعية بأنه: جعل عين مال متمولة وثيقة بدين ليستوفى منها عند تعذر وفائه. وعرفه المالكية بأنه: مال قبضه توثقاً به من دين. وعرفه الحنابلة بأنه: المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفى من ثمنه إن تعذر استيفاؤه من ذمة الغريم. انظر: تكملة فتح القدير: 10/ 135، مجمع الأنهر: 2/ 584، حاشية الشرقاوي على شرح التحرير: 2/ 109، مغني المحتاج: 2/ 121، حاشية الدسوقي: 3/ 231، أسهل المدارك: 2/ 266، الإقناع في فقه الحنابلة: 2/ 150، المغنى لابن قدامة: 4/ 361.
(¬2) سورة البقرة (283).
(¬3) أخرجه البخاري (2068، 2096، 2200، 2251، 2252، 2386، 2509، 2513، 2916، 4467) ومسلم (1603).

الصفحة 437