كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

يرتفع به، فإنه يعلم أقصى ما تنتهي إليه الصُّبْرَة، وقد رغب فيها على شرط مقابلة كل صَاعٍ بدرهم كما كانت.
ولو قال: بعتك عشرة من هؤلاء الأغنام بكذا لم يصح، وإن علم عدد الجملة بخلاف مثله في الصُّبْرَة والأرض والثوب؛ لأن قيمة الشاة تختلف، فلا يدرى كَم العَشْرَة من الجملة؟ كذا ذكره في "التهذيب" وقياس ما قدمناه من عدم الصحة، فيما إذَا باع ذراعاً من ثوب أو من أرض مجهولة الذّرْعَان تعليلاً بأن أجزاء الأرض والثوب تختلف، أو يكون قوله: بعتك كذا ذراعاً من الأرض وهي معلومة الذّرْعَان، كقوله: بعتك كذا عدداً من هذه الأغنام وهي معلومة العدد فليسوِّ بينهما في الصحة أو عدمها.
ولو قال: بعتك من هذه الصُّبْرَة كل صاع بدرهم لم يصح؛ لأنه لم يبع جميع الصُّبْرَة، ولا بين المبيع منها، وعن ابن سُرَيجٍ: أنه يصح في صاع واحد، كما لو قال: بعتك قَفِيزاً من الصُّبْرَة بدرهم، ولو قال: بعتك هذه الصبرة بعشرة دراهم كل صاع بدرهم، أو قال مثله في الثوب والأرض، نظر إن خرج كما ذكر صح البيع، وإن خرج زائداً أو ناقصاً فقولان: قال في "التهذيب": أصحهما: أنه لا يصح البيع، لأنه باع جملة الصُّبْرَة بالعشرة بشرط مقابلة كل صاع منها بدرهم، والجمع بين هذين الأمرين عند الزيادة والنقصان محال.
والثاني: أنه يصح لإشارته إلى الصُّبْرَة ويلغى الوصف، وعلى هذا إن خرج ناقصاً فللمشتري الخيار، فإن أجاز فيجيز بجميع الثمن لمقابلة الصبرة به أو بالقسط لمقابلة صبرة كل صاع بدرهم، فيه وجهان، وإن خرج زائداً فلمن تكون الزيادة؟ فيه وجهان:
أظهرهما: أنها للمشتري، لأن جملة الصُّبْرَة مبيعة منه، فعلى هذا لاَ خِيَار له، وفي البائع وجهان:
أصحهما: أنه لا خيار له أيضاً؛ لأنه رضي ببيع جميعها.
والثاني: أنَّ الزيادة للبائع، وعلى هذا لا خيار له، وفي المشتري وجهان:
أصحهما: ثبوت الخيار إذا لم يسلم له جميع الصبرة.
هذا ما نذكره الآن في أحد القسمين، وهو أن يكون العِوَض في الذمة، فأما إذا كان معيناً فلا يشترط معرفة قدره بالوزن والكَيْل حتى لو قال: بعتك هذه الدَّراهم أو هذه الصُّبْرَة صح، ويكفي عِيَانُ الدَّرَاهم والصبرة ربطاً للعقد بالمشاهدة، نعم حكوا قولين في أنه هل يكره بيع الصبرة جُزافاً (¬1).
¬__________
(¬1) أظهرهما يكره وقطع به جماعة وكذا البيع بعبرة الدراهم مكروهة.

الصفحة 49