كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

أحدهما: نعم، لأن ثمرة الرُّؤْية المعرفة وهما يفيدانها، فعلى هذا يصح البيع على القولين ولا خيار.
وأصحهما: لا، لأن الرؤية تطلع على أمور تضيق عنها العبارة.
ثم الصائرون إلى هذا الوجه ومنهم أصحابنا العراقيون اختلفوا في أن استقصاء الوصف هل يشترط على قولنا بصحة بيع الغائب على ما ستعرفه -إن شاء الله تعالى-.
الثالث: إذا رأى بعض الشَّيء دون بعض، نظر إن كان ممّا يستدل برؤية بعضه على الباقي صح البيع كما إذا رأى ظاهر الصُّبْرَة من الحِنْطَة والشَّعِير؛ لأن الغالب أن أجزاءها لا تختلف، وتعرف جملتها برؤية ظاهرها، ثم لا خيار له إذا رأى باطنه، إلاَّ إذا خالف باطنه ظاهره.
وفي "التَّتمة": أن أبا سهل الصُّعْلُوكِي حكى قولاً عن الشافعي -رضي الله عنه- لا تكفي رؤية ظاهر الصُّبْرَة بل لا بد من تقليبها ليعرف حال باطنها أيضاً، وهكذا حكاه أبو الحسن العبادي عن الصُّعْلُوكي نفسه.
وقال: إنما ألجأه إليه ضرورة نظر المبيع، والمذهب المشهور هو الأول.
وفي معنى الحِنْطَة والشَّعِير، صُبْرة الجوز واللّوز والدَّقيق؛ لأن الظاهر استواء ظاهرها وباطنها، ولو كان شيء منها في وِعَاء فرأى أعلاه، أو رأى أعلا السَّمْن والخَلِّ وسائر المائعات في ظروفها كفى، ولو كانت الحنْطَة في بيت وهو مَمْلُوء منها، فرأى بعضها من الكُوَّة أو الباب كفى إن عرف سعة البيت وعمقه، وإلاَّ فلا.
وكذا حكم الجمد في المُجَمَّدة، ولا يكفي رؤية صُبْرَة البَطِّيخِ والرُّمَّان والسَّفَرجَل؛ لأنها تباع في العَادَة عَدداً وتختلف اختلافاً بَيّنا فلا بد من رؤية واحد واحد، وكذا لا يكفي في شراء السّلة من العِنَب والخوخِ ونحوهما رؤية الأعلى لكثرة الاختلاف فيها، بخلاف صُبْرَة الحُبُوب والتَّمر إن لم تَلْتَزِق حباته، فَصُبْرَته كصُبْرَة الجُوز واللّوز، وإن التزقت كالقوْصَرَّة (¬1) فيكفي رؤية أعلاها على الصحيح.
وعن الصَّيْمَرِيّ حكاية خلاف في القُطْن في العِدْل: أنه هل يكفي رؤية أعلاه أم لا بد من رؤية جميعه؟
قال: والأشبه عندي أنه كَقَوْصَرَّةِ التَّمْرِ.
¬__________
(¬1) صورة المسألة كما ذكره الماوردي أن يكون حال البيع ذاكراً للأوصاف فإن نسيها في المدة ونحوه فهو بيع غائب نقله عنه في شرح المهذب واستغربه قال: ولم يتعرض له الجمهور. قال الأذرعي: وما ذكره الماوردي ظاهر وصرح به الروياني ولم يذكر ابن الرفعة في الكفاية وغيره.

الصفحة 56