كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أحدهما: أنه العموم الذي يجري على العموم، وإن دخله التخصيص، ما يكون المراد باللفظ أكثر، وما ليس مراداً باللفظ أقل-. والعموم الذي أريد الخصوص، ما يكون المراد باللفظ أقل وما ليس مراداً باللفظ أكثر.
والثاني: أن البيان فيما أريد به الخصوص متقدم على اللفظ، وفيما أريد بها العموم متأخر عن اللفظ أو مقترن. وعلى كلا القولين يجوز الاستدلال بها على إباحة البيوع المختلفة، ما لم يقمْ دليل التخصيص على إخراجها عن عمومها.
القول الثاني: إنها مجملة لا يفعل منها صحة بيع من فساده إلا ببيان من السنة. وجه ذلك أن من البيوع ما لا يجوز، ومنها ما يجوز، وليس في الآية ما يميز الجائز من غير الجائز؛ فاقتضى أن تكون من المجمل الذي لا يعقل المراد من ظاهره إلا ببيان يقترن به؛ فعلى هذه اختلف الأصحاب هل هي مجملة بنفسها للتعارض أو بغيرها على وجهين:
أحدهما: أنها مجملة بنفسها للتعارض فيها؛ لأن قوله -تعالى-: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} يقتضي جواز البيع متفاضلاً. وقوله: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} يقتضي بتحريم البيع متفاضلاً. فصار أولها معارضاً لآخرها، فوقع الله جمال فيها بنفسها.
الوجه الثاني: أنها مجملة بغيرها. وذلك أنها تقتضي جواز كل بيع من غرر وغيره. وقد وردت السنة بالمنع من الغرر من الملامسة والمنابذة وغير ذلك. فصارت السنة معارضة لها؛ فوقع الإجمال فيها بغيرها.
القول الثالث: أنهما دخلا فيها جميعاً؛ فتكون عامة دخلها التخصص ومجملة لحقها التفسير؛ لقيام الدلالة عليهما. ثم اختلف الأصحاب في دخول ذلك فيها على ثلاثة أوجه:
أحدهما: أن العموم في اللفظ والإجمال في المعنى فيكون اللفظ عموم دخله التخصيص؛ والمعنى مجملاً دخله التفسير.
والوجه الثاني: أن العموم في أول الآية. وهو قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} والإجمال في آخرها. وهو قوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} فيكون أول الآية عاماً دخله التخصيص. وآخرها مجملاً دخله التفسير.
والوجه الثالث: أن اللفظ كان مجملاً. فلما بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- صار مجملاً عاماً؛ فتكون داخلة في المجمل قبل البيان. وفي العموم بعد البيان. فعلى هذا الوجه يجوز الاستدلال بظاهرها في البيوع المختلف فيها كالقول الثاني.
القول الرابع: إنها تناولت بيعاً معهوداً. ونزلت بعذ أن أحل النبي -صلى الله عليه وسلم- بيوعاً. وحرم بيوعاً. وكأن قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} هو الذي بينه الرسول من قبل وعرفه المسلمون منه. فترتب الكتاب على السنة، وتناولت بيعاً معهوداً هذه الآية. وإنماكان كذلك؛ لأن الله تعالى قال: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} فأدخل فيه الألف واللام وذلك يدخل في الكلام لأمرين، إما لجنس أو معهود. فلو لم يكن الجنس مراداً لخروج بعضه منه ثبت أن المعهود مراد. فعلى هذا لا يجوز الاستدلال بظاهرها على صحة بيع ولا فساده. بل يرجع في حكم ما اختلف فيه إلى الاستدلال بما تقدمها من السنة التي عرف بها البيوع الصحيحة من الفاسدة. وإذا كان كذلك صار الفرق بينه وبين المجمل من وجه وبينه، وبين العموم من وجهين. فأما الوجه الذي يقع به =

الصفحة 6