كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

تصرفاته للآخر، كما في تبرعات المريض، إذا زادت على الثُّلُثِ، واعلم أن ما ذكرنا في البَيْعِ مفروض في بَيْعِهِ مِن غير الغرماء، فإن باع مِنْهُم فسيأتي.
القسم الثَّاني: ما يرد على ما في الذِّمَّة، كما إذا اشترى بِثَمَنٍ في الذَّمَّة، أو باع طعاماً سلماً، فَيَصِحّ، ويثبت في ذِمَّتِهِ، وسنتكلم في أنه متى يؤدي؟ وكيف يؤدي؟ وروى الإمام قولاً آخر: أنه لا يصح شراؤه كالسَّفِيه، والمَذْهَبُ المَشْهُورُ الأَوَّلُ.
النوع الثاني: ما لا يُصَادِف المَال، فلا يمنع منه، وذلك كالنِّكَاحِ، والطَّلاَقِ، والكلام في أن مؤنات نكاحه كيف توفّي؟ نذكر ذلك في موضعه، وإذا صَحَّ مِنْه الطَّلاق مجاناً صح الخُلعُ مِنْهُ بطريق الأَوْلَى، وكذا يصح منه استيقاء القصاص، والعفو عنه، واستلحاق النسب، ونفيه باللعان، والقول في استيفائه القصاص وعفوه عنه مُعَادٌ في كتاب القصاص.
الضرب الثَّانِي: الإقرار، فإن أقر بمال لَمْ يَحِل، إما أن يقر بِمَالٍ في الذِّمة أو بعين مال، إن كَانَ الأَوَّل، نظر إن أقر بدين لزمه قبل الحَجْرِ إما عن معاملة، أو دين، أو إِتْلاَف لزمه ما أقر به وفي قبوله في حق الغرماء قولان:
وجه: عدم القبول وبه قال مَالِك: أن حقهم تَعَلَّقَ بِمَا له مِن المَالِ، وفي القبول إضرار بهم لمزاحمته إيَّاهُمْ.
ووجه: القبول، وهو الأصحّ القياس على مَا إِذَا ثبت بالبَيِّنَةِ، وعلى ما إذا أقر المريض بدَيْنٍ يزاحم المقر له غرماء الصِّحة، وهذا لأن ضرر الإقْرَارِ في حَقِّه أكثر منه في حق الَغُرَمَاءِ فلا تُهْمَةَ فِيهِ، وإن أسنده إلى ما بعد الحَجْرِ، نظر إن قال عن معاملة لم يقبل في حَقِّ الغرماء، وإن قال: عن إتْلاَفٍ، أو عن جناية، فأصح الطريقين أنه كما لو أسند لُزُومَه إلى ما قَبْلَ الحَجْرِ.
والثاني: أنه كما لو قال عن معاملة وإن أقر بدين ولم يسنده فقياس المذهب التنزيل على الأقل (¬1)، وجعله كما لو أسند لزومه إلى مَا بعد الحجْرِ (¬2)، وإن أقر بعين
¬__________
= ينبغي أن يفسخ الوقف أولاً؛ لأن العتق له قوة وسراية، وهذا أصح. ولو تعارض الرَّهْن والهبة، فسخ الرَّهْن لأنه لا يملك به العين. ينظر روضة الطالبين 3/ 367.
(¬1) مراده بالأقل أقل المراتب وهو ما بعد الحجر لأنه المحقق لا على أعلاها وهو ما قبله كذا قاله في المهمات. قال: فعلى هذا إن أضافه لمعاملة لم يُقبل وإن إضافة لجناية قُبل في الأصح. وما ذكره الشيخان أن قياس المذهب صرح به القاضي الحسين من تعليقه.
(¬2) قال النووي: هذا ظاهر إن تعذرت مراجعة المقر. فإن أمكنت، فينبغي أن يراجع، لأنه يقبل إقراره. ينظر الروضة 3/ 368.

الصفحة 10