كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

وصيغة الفسخ كقوله: فسخت البيع ونقضته ورفعته لا يُخْفَى.
ولو اقتصر على قوله: رددت الثمن أو فسخت البيع، فقد حكى الإمامُ فيه اختلافاً للأصْحَابِ، ووجه المنع بأن حَقَّ الفَسْخِ فيه أن يضاف إلى المُرْسل، ثم إذا انفسخ العقد ثبت مُقْتَضَاهُ، والأصح الاكتفاء به، ثم حق الرّجُوعِ للبائع لا يثبت على الاِطْلاَقِ، بل هو مَشْرُوطٌ بشروط يجب معرفتها، ولا يختص الرجوع بالبَيْعِ، بل يجري في غيره من المُعَاوَضَاتِ ويتبين الغرض بالنَّظَرِ في العوض المتعذر تحصيله، والعوض المُسْتَرجع والمعارضة التي بها انتقل المِلْك إلى المفلس، فلذلك قال: (ويتعلق الرُّجوع بثلاثة أركان العوض والمعوض والمُعَاوضة).
قوله: (أما العوض فهو الثمن) يعني في البيع ويقاس عليه العوض في سَائِرِ المُعَاوَضَاتِ، ويعتبر فيه شيئان:
أحدهما: أن يتعذر استيفاؤه بسبب الإفْلاَسِ، وفيه صور:
أحدها: إذا كان ماله وافياً بالدّيون، وحجر القَاضِي عليه، تفريعاً على جواز ذلك ففي ثبوت الرّجُوعِ وجهان:
أحدهما: وهو المذكرر في الكتاب أنه لا يرجع؛ لأنه يَصِلُ إِلَى الثَّمَنِ.
والثَّانِي: يرجع؛ لأنه لو رجع لما أمن أن يظهر غريم آخر يزاحمه فيما أخذ.
الثانية: لو قال الغرماء: نفسخ لتقدمك بالثمن لم يلزمه الإجَابة، خلافاً لِمَالِكِ، لأن فيه تحمل مِنَّةٍ، وأيضاً فربما يظهر غَرِيمٌ آخر فيزاحمه فِيمَا أَخَذَ، وفيه وجه أنه لا يبقى له الرُّجُوعُ، تخريجاً مما إذا حَجَرَ عَلَيْهِ الحَاكِمُ وفي ماله وَفَاء، ولو قالوا: نؤدي الثَّمَنَ مِنْ خَالِصِ أموالِنَا، أو تبرع به أجنبي فليس عليه الإجابة أيضاً.
ولو أجاب ثم ظهر غريم آخر لَوْ يزاحمه في المَأْخُوذ. ولو مات المُشْتَرِي فقال الوارث: لا ترجع حتى أقدمك على الغُرَمَاءِ لم يلزمه القبول أيضاً.
ولو قال: أؤدي الثمن من مالي فوجهان:
أحدهما: وبه أجاب في "التتمة": أن عليه القبولَ وَتْركَ الفَسْخِ؛ لأن الوارث خليفة المورث فله تخليص المَبِيع.
الثالثة: لو امتنع المُشْتَرِي من تَسْلِيمِ الثَّمَنِ مع اليَسَارِ أو هرب أو مات مليئاً وامتنع الوَارِثُ من التسليم فأصح الوجهين: أنه لا فسخ؛ لأنه لم يوجد عَيْبُ الاِفْلاَس، والتوصل إلى الاستيفاء بالسُّلْطَانِ ممكن، فإن فرض عَجْز عن النُّذُور فَذَلِكَ مما لاَ عِبْرَة به.

الصفحة 31