كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

قال الغزالي: الشَّرْطُ الثَّانِي لِلْمُعَاوَضَةِ أن تكُونَ سَابِقَةً عَلَى الحَجْرِ، احْتَرَزْنَا بِهِ عَمَّا يَجْرِي سَبَبُ لُزُومِهِ بَعْدَ الحَجْرِ كَمَا إِذَا بَاعَ مِنَ المُفْلِسِ المَحْجُورِ عَلَيْهِ هَل تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ مَالِهِ؟ وَقَد ذَكَرْنَاهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَفْلَسَ المُكْرِي وَالدَّارُ فِي يَدِ المُكْتَرِيَ فَانْهَدَمَت ثَبَتَ لَهُ الرُّجُوعُ إِلَى الأُجْرَةِ، وَهَلْ يُزَاحَمُ بِهِ الغُرَمَاءُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ جَارِيَةً لِعبْدٍ فَتَلِفَتِ الجَارَيةُ في يَدِ المُفْلِسِ المَحْجُورِ فَرَدَّ بَائِعُهَا العَبْدَ بِالعَيْبِ فَلَهُ طَلَبُ قِيمَةِ الجَارَيةِ قَطْعاً، وَهَل يَتَقَدَّمُ بِالقِيمَةِ أَوْ يُضَارِبُ بِهَا؟ وَجْهَانِ، وَالأَصَحُّ أَنَّهُ يُضَارِبُ.
قال الرَّافِعِيُّ: هذا الشرط مغفول عنه في أكْثَرِ النّسخِ، سيما في القَدِيمَةِ مِنْهَا، لكنه ألحق بالكتاب من "الوسيط"؛ لأنه وَعَدَ بِهِ حيث قال: (أما المعاوضة فلها شرطان) والصواب أن تثبت الملحق بالمَنْن، على ما يناسب نظم الكتاب، ثم نشرحه. أما الملحق فهو قد سبق.
الشَّرْط الثاني أن تكون المعاوضة سابقة على الحجر، فلو باع من المفلس المحجور شيئاً فقد ذكرنا الخلاف في تعلقه بين متاعه، ولو أفلس المكري والدار في يَدِ المُشْتَرِي فانهدمت أَفَلَهُ الرجوعُ بالأُجْرَةِ؟ وفي مزاحمته الغرماء بها وَجْهَان.
ولو باعَ جارية بِعَبْدٍ فتلفت في يد المُفْلِس ورد بائعها العبد بعيب، فله طلب قيمة الجارية قطعاً، ويتقدم بها أو يضارب؟ فيه وجهان:
أصحهما: أن يضارب.
وأما الشَّرْحُ فاعلم أن فيه ثلاثَ مَسَائِلَ:
الأول: إذَا بَاعَ شيئاً من المفلس المَحْجُورِ، وصححناه، فقد ذكرنا في ثُبُوتِ حَقِّ الفَسْحِ، والرجوع، خلافاً.
فإن قلنا: لا رجوع فقد شرطنا فيه سبق المعاوضة على الحَجْرِ.
الثانية: إذا أجر داراً، وسَلَّمَهَا إِلَى المُكْتَرِي، وقبض الأجرة ثم أفلس وحجر عليه فقد ذكرنا أن الإجَارَةَ مستمرةٌ: بِحَالِهَا، فإن انهدمت في أثناء المدة انفسخت الإجارة فيما بقي منها، ويضارب المستأجر مع الغُرَمَاءِ، بحصة ما بقي منها إن كانت الانهدام قبل قسمة المال بينهم، وإن كَانَ بَعْدَ الِقْسمَةِ، فوجهان:
وجه المَنْعِ: أنه دين حدث بعد القِسْمَة، فصار كَمَا لَو استقرض.
ووجه المُضَارَبَةِ: وهو الأصح: أنه دَيْنٌ استند إلى عَقْدِ سبق الحَجْر، وهو الإِجَارة، فصار كما لو انهدمت قبل القسمة.

الصفحة 39