كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

المستأجر، وإن جوزناه فإن شاء أخذهُ مسلوب المنفعة لِحَقِّ المستأجر، وإلا ضارب بالثَّمَنِ. ولو رهنه قدم حق المرتهن، ولا رجوع.
وكذا لو جنى العبد المبيع، فالمجنى عليه أحق ببيعه، فإن قضى حَقَّ المرتهن، أو المجنى عليه ببيع بعضه فالبائع وَاجِد لِبَاقِي المَبِيع، وسيأتي حكمه. وإن انفك عن الرَّهْن، أو بَرِئَ من الجناية، فَلَهُ الرُّجُوعُ، كما لو اطلع المشتري على عَيْبٍ في المبيع بَعْدَ رَهْنِهِ، ثُمَّ انفك الرَّهْن له الرد.
وتزويج الجارية لا يمنع الرجوع، وإحرام البَائِعِ يمنعه إذا كان المبيعُ صَيْداً، ولو حجر عليه بعد ما زال مِلْكُه، ثم عاد نظر إن عاد بِلاَ عِوَضٍ كالهبة والإرث والوصية، ففي الرجوع وجهان:
أحدهما: يرجع؛ لأنه وجد متاعه بعينه.
والثَّانِي: لا يرجع؛ لأن هَذَا الملك متلقى من غيره، ولأنه تخللت حالة لو صَادَفَهَا الإِفْلاَس، والحَجْرُ، لَمَا رَجَعَ، فليستصحب حُكْمَهَا، وهذا الخِلاَف كما ذكرنا في مِثْلِهِ مِنَ الرَّدَّ بالعَيْبِ، وتعرضنا لهذه الصُّورَة، ونحوها هناك، وفي سلسلة الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أن الوجهين فيما نحن فيه مبنيان على الوجهين في رجوع الوَاهِب فيما إذَا زَالَ مِلْكُ الوَلَدِ وَعَاد، وأنهما في الهِبَةِ مبنيان على الوجهين فيما إذا زَالَ مِلْكُ المَرْأَةِ وعاد، هل يرجع المُطَلَّق بالنصف، وأن الخِلاَف فيهما جميعاً مبنى على قولين منصوصين فيما إذا قال لعبده: إذا جاء رأس الشَّهر فأنت حر، ثم بَاعَه، واشتراه، فجاء رأس الشهر هل يعتق؟ ولك أن تقول: بناء الوجهين على القولين المنصوصين، واستخراجهما منه منقول قويم وأما بناء صورة من صور الوجهين على أخرى مع استوائهما في المعنى فليس بأولى مِنَ القَلْب وَالْعَكْسِ، وإن عَادَ المِلْكُ إليه بِعوض كما لو اشتراه، نظر إن وفر الثمن على البَائِعَ الأول. فكما لو عاد بلا عوض، وإن لم يوفر وقلنا: بثبوت الرجوع للبائع لو عَاد بِلاَ عوض، فالأول أَوْلَى بِالرُّجُوعِ لِسَبْقِ حقه، أو الثَّانِي لقرب حَقِّه، أو يستويان، ويضارب كل واحد منهم بنصف الثمن؟ فيه ثلاثة أوْجُه (¬1).
وعجز المكاتب وعوده إلى الرِّق كانفكاك الرَّهْنِ أو كعود المِلْكِ بعد زَوَالِهِ؟ فيه طريقان: أجاب في البَسِيط منهما بالأَوَّلِ، ووجه الثاني: مشابهة الكتابة بِزَوَالِ المِلْكِ، وإفادتها استقلال المكاتب والتحاقه بالأحْرار (¬2).
¬__________
(¬1) قال النووي: أصح الوجهين أولاّ: أنه لا يرجع وبه قطع الجرجاني في "التحرير" وغيره قال البغوي: ويجرى الوجهان فيما لو رد عليه بعيب. ينظر الروضة 3/ 391.
(¬2) قال النووي: لو كان المبيع شقصاً مشفوعاً ولم يعلم الشفيع حتى حجر على المشتري وأفلس بالثمن فأوجه، أحدها: يأخذه الشفيع ويؤخذ منه الثمن فيخص به البائع جمعاً بين الحقين. =

الصفحة 41