كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

والطريق الثاني: القطع بالمَنْصُوصِ، والفرق بينه وبين الصدَّاق أن الزَّوْجَ إذا لم يرجع إِلَى عَيْنِ الصَّدَاقِ أخذ القِيمَةَ بتَمَامِهَا، والبائع هاهنا لا يأخذ الثَّمَن، بل يحتاج إلى المُضَارَبَة، ولو قبض بَعْضَ الثَّمَنِ، ولم يتلف شَيْءٌ من المبيع، ففي الرُّجُوع القَوْلاَنِ: القديم، والجديد، وعلى الجديد: يرجع إلى المَبيع بِقِسْطِ البَاقِي من الثَّمَنِ، فلو قبض نِصْفَ الثمن رجع في نِصْفِ العَبْدِ المبيع، أو العَبْدَيْنِ المَبِيعَيْنِ. فرعان:
أحدهما: قد ذكره في الكتاب.
إذا أغلى الزيت المبيع حتى ذهب بَعْضُه، ثم أفلس، فَوَجْهَان:
أحدهما: أنه كما لو تَعَيَّبَ المبيع، وكان الزَّائِلُ صِفَة التفل، فعلى هذا يرجع إليه ويقنع به.
وأصحهما: أنه بمثابة تَلَفِ بَعْضِ المبيع، كما لو أنضب، فعلى هذا لو ذَهَب نِصْفُه أخذه بِنِصْفِ الثَّمن، وضارب مع الغُرَمَاءِ بالنصف، وإن ذهب ثلثه أخذ بِثُلثَيِ الثمن، وضارب مَعَهُمْ بالثُّلُثِ، ومن قال بالوجه الأول فالشَّرْطُ أن يطرده في إغلاء الغَاصِب الزّيْت المَغْصُوب، وليس له ذِكْرٌ هناك، بل لم يتعرض له المعظم هاهنا واقتصروا على الوجه الثاني، نعم، لو كان مكان الزيت العصير، فقد أجابوا هاهنا وفي الغَصْب بوجهين، وَرَجَّحُوا التسوية بينه وبين الزيت، ووجه الفرق أن الذَّاهِبَ من العصير ماء لا مَالِيَّةَ لَهُ، والذَّاهِبُ من الزيت متمول، وإذا قلنا بالتسوية فلو كان العَصِير المبيع أربعَة أَرْطَالٍ، قيمتها ثَلاَثَةُ دَرَاهِم، فأغْلاَها حَتَّى عادت إلى ثلاثة أرْطَالٍ، فيرجع إلى الباقي، ويضارب بِرُبُعِ الثَّمَنِ للذَّاهِبِ، ولا عبرة بِنُقْصَانِ قِيمَةِ المغلي، كما إذا عادت قيمته إلى دِرْهَمَيْنِ، وإن زادت قيمته بأن صارت أربعة فيبنى على أن الزيادة الحَاصِلة بالصفة أثر أم عين.
إن قلنا: أثر فَازَ البَائِعُ بِمَا زَادَ:
وإن قلنا: عين، فعن القَفَّالِ: أن الجواب كذلك، وعن غيره أن المُفْلِسَ يكونُ شَرِيكاً لَهُ بالدراهم الزائدة وإن بقيت القيمة ثلاثة كما كانت فيكون بقاؤها بِحَالِهَا مع نقصان بعض العين؛ لازدياد البَاقِي بالطَّبْخِ، فإن جعلنا هذه الزِّيَادَةَ أثراً فَازَ البَائِعُ، وإن جعلناها عَيْناً فكذلك عند القَفَّالِ، وقال غيره: يكون المفلس شريكاً بثلاثة أرباع دِرْهَمٍ؛ لأن هذا القَدْرُ هُوَ قِسْطُ الرَّطْلِ الذَّاهِبِ، وهو الذي زَادَ بالطَّبْخِ في البَاقِي، هذا مَا يستمر على القَواعِدِ، ولصاحب "التلخيص" في المسألة كلام غَلَّطُوهُ فيه.
الفرع الثاني: لو كان المبيع داراً فانْهَدَمَتْ، ولم يهلك شيء من النقض، فهذا النقصان من قَبِيل الضَّرْبِ الأول كالعمى ونحوه.

الصفحة 45