كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

ولو هلك بعضه بإحراق أو غيره فهو من الضرب الثاني هكذا أطلقوه، ولك أن تقول: وجب أن يطرد فيه الخِلاَف الذي ذكرناه في تلف سَقْفِ الدَّارِ المَبِيعَةِ قبل القبض، أنه كالتعيب أو تلف أحد العبدين.
قال الغزالي: أَمَّا التَّغَيُّرُ بِالزِّيَادَةِ فَالمُتَّصِلَةُ من كُلِّ وَجْهٍ لاَ حُكْمَ لَهَا بَلْ تُسَلَّمُ لِلبَائِعِ مَجَّاناً، وَالمُنْفَصِلَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَالوَلَدِ لاَ يَرْجِعُ فِيهِ وَلَكِنْ إنْ كَانَ صَغِيراً فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْذُلَ قِيمَةَ الوَلَدِ حَذَراً مِنَ التَّفْرِيقِ، فَإِنْ أَبى بَطُلَ حَقُّهُ عَلَى رَأَى مَنْ رَأَيِ الرُّجُوعَ (و)، وَبِيعَتِ الأُمُّ وَالوَلَدُ عَلَى رَأْيِ، وَصُرِفَ إِلَيْهِ نَصِيبُ الأُمِّ عَلَى الخُصُوصِ، وَإذَا تَفَرَّخَ البَيْضُ المُشْتَرَي أَوْ نَبَتَ البِذْرُ بِالزِّرَاعَةِ فَقَدْ فَاتَ المَبِيعُ عَلَى الأظْهَرِ (و) وَهَذَا مَوْجُودٌ جَدِيدٌ.
قال الرِّافِعِيُّ: القسم الثاني: التغير بالزِّيَادَةِ، وهي نوعان:
أحدهما: الزيادَةُ الحَاصِلَةُ لأمْرٍ خَارِجٍ، وهي على ثلاثة أضرب:
أحدها: المُتَّصِلَة منْ كُلِّ وَجْهِ كالسِّمَنْ، وتعلم الحِرْفة، وكِبَرِ الشَّجَرَةِ، فلا عبرة بها، وللبائع الرّجُوع من غير أن يلتزم بالزيادة شيئاً، وعلى هذا حكم هذه الزيادة في جميع الأبْوَاب إلا في الصَّدَاقِ، فإن الزَّوْجَ لا يرجع إذا طَلَّقَ قبل الدُّخُولِ إلى النِّصْفِ الزائد إلا بِرِضَى المَرْأةِ، وسبب مفارقة سَائِرِ الأصُولِ يُذْكَرُ هُنَاكَ.
والثَّانِي: الزيادة المنفصلة من كل وَجْهٍ كثمرة الشَّجَرَةِ واللبن والولد، فيرجع في الأَصْلِ، وتسلم الزوائد للمُفْلِس، نعم، لو كان الولدُ صَغِيراً فوجهان:
أحدهما: أنه إن بذل قيمة الولد أخذه مع الأم، وإلَّا ضَارَبَ بِالثَّمَنِ، وبطل حَقُّه مِنَ الرُّجُوعِ؛ لامتناع التفريق.
وأصحهما: أنه إن بذل قيمتَهُ فَذَاكَ، وإلا بيعَا معاً، وصرف ما يخص الأم إلى البائع، وما يخص الولدَ إِلى المُفْلَس، وهاهنا مباحثة وهي: أنا ذكرنا وجهين فيما إذا وجد الأم مِعَيبة وهناك وَلَدٌ صَغيرٌ، أنه يترك الرّد وينتقل إلى الأرش، ويحتمل التفريق للضَّرورة، وفيما إذا رهن الأم دون الولد أنهما يباعان معاً، ويحرم التَّفْرِيق، ولم يذكروا فيما نحن فيه احتمال التفريق، وإنما احتالوا في دُفْعِهِ، فيجوز أن يقال: يجيء وجه في التفريق هاهنا أيضاً، لكنهم لم يذكروه اقتصاراً على الأَصَحِّ، ويجوز أن يفرق بأن مَالَ المُفْلِسِ كُلَّه مَصْرُوفٌ إلى الغُرَمَاءِ، فلا وجه لاحتمال التفريق مع إمكان المحافظة على جَانِبِ الرَّاجِعِ، وكون ملك المفلس مزالاً من الأَوَّلِ (¬1)، ولو كان المبيع بذراً فزرعه
¬__________
(¬1) قال النووي: هذا الثامن هو الصواب وله قطع الجمهور تصريحاً وتعريضاً وحكى صاحب "الحاوي" والمستظهري وغيرهما وجهاً غريباً ضعيفاً أنه يجوز التفريق بينهما للضرورة كمسألة =

الصفحة 46