كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

المشتري ونبت، أو بيضة فتفرخت في يَدِهِ، ثم أفلس فوجهان:
أحدهما: أنه ليس له الرُّجوع إِلَيْهِ؛ لأن المبيع قد هَلَكَ، وهذا شَيْءٌ جديد له اسم جديد.
والثاني: يرجع؛ لأنه حَدَثَ منْ عَيْنِ مَالِهِ، أو هو عَيْنُ مَالِهِ اكتسب هيئةً أُخْرَى، فصار كالوَدِيّ (¬1) إذا صار نَخْلاً. والوجه الأول هو اختيار صَاحِبِ الكِتَاب، وبه قال القاضيان ابْنُ كِجٍّ، وأبو الطَّيِّب، والأصح عند أصْحَابِنَا العراقيين، وصاحب"التهذيب" الوجه الثاني، وسترى في كتاب الغصب ما يؤيده، ويجري مثل هذا الخِلاَف في العَصِير إِذَا تَخَمَّرَ في يَدِ المُشْتَرِي ثم تَخَلَّل.
ولو اشترى زرعاً أخضر مع الأرض ففلس وقد اشتد الحَبُّ فقد قيل: بِطَرْدِ الوَجْهَيْنِ، وقيل: بالقطع بالرجوع.
واعلم أنا إذا قلنا: بثبوت الرجوع في هذه الصورة، جعلنا هذه التغييرات من القسم الذي نَحْنُ فيه، وإذا لم نقل بثبوته جعلنا هذه التغييرات خارجةً عن الأقسام المَذْكُورَةِ.
والتقسيم الحاوي لها أن يقال: التغيير ينقسم إلى ما يقلب المبيع عما هو عليه ويجدد اسماً ومسمى، وإلى غيره، وفيه تقع الأقسام المَذْكُورة.
قال الغزالي: وَإِنْ كَانَتِ الجَارِيَةُ المَبِيعَةُ حَامِلاً فَوَلَدَتْ قَبْلَ الرُّجُوعِ فَفِي تَعَلُّقِ الرُّجُوعِ بِهِ قَوْلاَنِ، وَلَوْ حَبَلَتْ بَعْدَ البَيْعِ فَالصَّحِيحُ تَعَدِّي الرُّجُوعِ إلَى الجَنِينِ، وَحُكْمُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ التَّأَبِيرِ حُكْمُ الجَنِينِ وَأَوْلَى بِالاسْتِقْلاَلِ.
قال الرَّافِعِيُّ: الضرب الثالث: الزيادة المتصلة مِنْ وَجْهٍ دون وجه كالحمل، ووجه اتصاله ظاهر، ووجه انفصاله استقلاله وانفراده بالحياة والمَوْتِ، وكثير من الأحكام.
وجملة القول فيه: أنه إن حدث الحَمْلُ بعد الشِّرَاء وانفصل قَبْلَ الرجوع، فحكم الولد مَا مَرَّ في الفصل السابق، وإن كانت حاملاً عند الشِّرَاءِ وعند الرجوع جميعاً فَهُوَ كالسِّمَنِ، ويرجع البَائِعُ فيها حَامِلاً، وإن كانت حاملاً عند الشِّرَاء وولدت قَبْلَ الرجوع ففي تعدي الرّجوع إلى الوَلَدِ قولان، بناهما الأصحاب على الخلاف في أن الحَمْلَ هل يُعْرَف أم لا؟
¬__________
= الرَّهْن وقالوا: ليس هو بصحيح إذا لا ضرورة وفرقوا بما سبق فمحصل أن دعوى الإمام الرافعي ليست بمقبولة. ينظر الروضة 3/ 394.
(¬1) الودي صغار النخل. ينظر المصباح المنير.

الصفحة 47