كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

لحدوثها بَعْدَ، أو لظهورِهَا قبل الرجوع، أو على أحد القولين في الحَالَةِ الثَّالِثَةِ، والرَّابِعَةِ، فليس له قَطْعُهَا، بل عليه إبقاء الثَّمَرَة إلى الجذاذ، وكذا لو رجع في الأَرْضِ المَبِيعَةِ، وهي مزروعة بزرع المُشْتَرِي ترك الزَّرع إلى الحَصَادِ؛ لأنه لم يتعد بالزَّرْعِ حتى يقلع زرعه، وهذا كما إذا اشْتَرَى أرضاً مزروعة ليس لِلْمُشْتَرِي أن يُكَلِّف البَائِعَ قَلْعَ الزَّرْع، ثم إذا بقي الزَّرْعُ أبقاه بِغَيْرِ أُجْرَةٍ، بخلاف ما إذا اكترى أرضاً وزرع فيها المكتَري، ثم أفلس وفسخ المُكْرِي الإِجَارَةَ، حيث قلنا: يترك الزَّرْع إلى الحصاد بأجْرَةِ المِثْلِ.
والفرق مِنْ وَجْهَيْنِ: أشهرهما: أن المستأجر دخل في الإِجَارة على أن يضمن للبائِعِ المنافع، فألزمناه بدلها، والمشتري دَخَل في الشِّرَاء على أن تحصل له المنافع بِلاَ عَوَضٍ، فلم يحسن إِلْزَامه بدلها، (وأوفقههما): أن مورد البيع الرَّقَبة، وأنها يَحْصُل له بالفَسْخِ، وإن لم يأخذ الأُجْرَة، ومورد الإِجَارَة المَنَافِعِ، فإِذا لم يتمكن من استيفائها ولم يمكن من أخذ بدلها خلا الفسخ عن الفَائِدَةِ، ولم يعد إليه حقّه، وعن صاحب "التقريب": أن ابْنَ سُرَيْجٍ خرج قولاً، أن للبائع طلب أجرة المِثْلِ لمدة بقاء الزرع، كما لو بني المشتري أو غرس، كان للبائغ الإبقاء بالأجْرَة كما سيأتي إن شاء الله -تعالى- ثم الكلام فيهما إذا طلب الغرماء أو المُفْلِس القطع قَبْلَ الجذَاذِ، وقبل الحصَادِ، على مَا مَرَّ في فَصْلِ الإجَارَةِ.
الثانية: إذا ثبت الرّجوع في الثَّمَار، إما بالتَّصْرِيحِ ببيعها مع الأشْجَارِ، وهي مُؤَبَّرَةٌ على أحد القولين، في الحالة الثالثة، والرابعة، ثم تلفت الثمار بجائحة أو بأكل المشتري ثم أفلس فالبائع يأخذ الأشْجَارَ بحصتها من الثَّمَنِ، ويضارب مع الغرماء بحصة الثمار، وسبيل التوزيع أن تُقَوَّم الأشْجَار وعليها الثّمار، فيقال: قيمتها مائة، وتقوَّم وَحْدَها، فيقال: قيمتها تِسْعُون، فيضارب بِعُشْرِ الثَّمَنِ، فإن اتفق في قيمتها انخفاض وارتفاع فالاعتبار في قِيمَةِ الثَّمَارِ بالأقلِّ من قيمتها يوم العقد ويوم القبض؛ لأنها إن كانت يوم القَبْضِ أقل فما نقص قبله من ضمان البَائِعِ فلا يحسب على المُشْتَرِي، وإن كانت يوم العقد أقلّ فالزيادة حصلت في ملك المُشْتَرِي وتلفت فلا تعلق لِلْبَائِعِ بها.
نعم، لو كانت العين باقية رجع فيها متابعة للأَصْلِ، وعن صاحب "التقريب": أن بعضهم قال: باعتبار قيمة يوم القَبْضِ واحتسب الزيادة لِلْبَائِعِ بعد التَّلَفِ كما أنها لو بقيت العين لَحَصَلت له، وهذا ظاهر نصه في "المختصر" إلا أنَ الجمهور حملوه على ما إذا كانت قيمة يوم القَبْضِ أقل، أو لم تختلف القيمة فبنوا إضافتها إلى هذا اليوم، أو إلى هذا اليَوْم.
وأما الأَشْجَار ففيها وَجْهان: أظهرهما عند صاحب الكتاب وهو الذي أورده

الصفحة 52