كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

الصَّيْدَلاَنِيّ، وغيره: أن الاعتبار فيها بأكثر القيمتين؛ لأن المبيع بَيْنَ العقد والقبض من ضَمَانِ البَائِعِ، فنقصانه عليه وزيادته لِلمُشْتَرِي، ففيما يأخذه البَائِع يعتبر الأكثر ليكون النقصان محسوباً عليه، كما أن فيما يبقى للمشتري أو يضارب البائع بثمنه يعتبر الأقل ليكون النقصان محسوباً عليه.
والثاني: وهو الذي نقله صاحب "التهذيب"، و"التتمة": أن الاعتبار بقيمة يَوْمِ العَقْدِ، سواء كانت أكثر القيمتين أو أقلهما، أما إذا كانت أكثرهما فكما ذكرنا في الوجه الأول. وأما إذا كانت أقلهما فلأن ما زاد بعد ذلك من جُمْلَة الزِّيَادَاتِ المُتّصِلة، وعين الأشجار بَاقِية، فيفوز بها البَائِع، ولا تحسب عليه، قال الإمام: ولصاحب الوجه الأول أن يقول: نعم البائع يفوز، ولكن يبعد أن يفوز بِهَا، وَهِيَ حادثة في مِلْكِ غَيْرِهِ، ثم لا يحسبها من المَبِيع، فإذا فاز بها فليقدر كلها وجدت يوم البيع، ولنبين اختلاف قيمة الأشْجَارِ والثمار بالتمثيل، فنقول: كانت قيمة الشجرة يوم البيع عشرة، وقيمة الثَّمَرَةِ خمسة، فلو لم تختلف القِيمَة لأخذ الشجرة بثلثي الثمن، وضارب للثمرة بالثلث، ولو زادت قيمة الثمرة فكانت عَشرة يومَ القَبْضِ، فكما لو كانت القيمة بحالها على الشُهُورِ، وعلى الوجه البعيد يُضَارِب بنِصْفِ الثَّمَنِ، ولو نقصت فكانت يوم القبض درهمين ونصفاً يضارب بخمس الثمن، ولو زادت قيمة الشجرة أو نقصت فالحكم على الوجه الثَّاني كما لو بقيت بحالها، وعلى الأول كذلك إن نقصت، وإن زادت فَكَانت خمسة عشر فيضارب بربع الثمن، ثم ذيل الإمام المسألة بكلامين مستفادين:
أحدهما: إذا اعتبرنا في الثمار أقل القيمتين، فإن كانَتَا متساويتين، ولكن وقع بينهما نقصان، نظر إن كان بمجرد انخفاض السُّوق فلا عبرة به، وإن كان لعيب طرأ وزال، فكذلك على الظَّاهِرِ، كما أنه يسقط بِزَوَالِهِ حق الرد، وإن لم يزل العَيْب، لكن عادت قيمته إلى ما كان بارتفاع السّوق، قال: والذي أراه أن في هذه الصّورة تعتبر قيمة يوم العيب دون البَيْعِ والقبض؛ لأن النقصانَ الحَاصِل من ضمان البائع والارتفاع بعده في مِلْكِ المُشْتَرِي لا يصلح جابراً له.
والثاني: إذا اعتبرنا فيِ الأشْجَارِ أكثر القيمتين فلو كانت قيمة الشجرة يوم العقد مِائَة، ويوم القبض [مائة] خمْسِين ويوم رجوع البَائِع مائتين، فالوجه القطع باعتبار المائتين، ولو كانت قيمتها يوم العقد ويوم القبض ما ذكرنا، ويوم الرجوع مائة اعتبرنا يوم الرجوع على أن ما طرأ من زيادة وزال ليس ثابتاً يوم العَقْدِ حتى نقول إنه وقت المقابلة لا يوم أخذ البائع حتى يحسب عليه، ولك أن تقول: هذا إن استقام في طرف الزيادة تخريجاً على ما سبق أن ما فاز به البائع من الزيادات الحادثة عند المشتري يقدر كالموجود عند البيع، فلا يستقيم في طرف النقصان، لأن النّقصان الحَاصِل في يد

الصفحة 53