كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

المشتري كعيب حدث في المَبيع، وإذا رجع البائع إلى العَيْنِ المبيعة لزمه القناعة بها، ولا يطالب المُشْتَرِي للعيب بِشَيْءٍ والله تعالى أعلم. وينبغي أن تعرف أن سبيل التوزيع في كل صُورة تلف فيها أحد الشيئين المبيعين، واختلفت القيمة وأراد الرجوع إلى البَاقِي على ما ذكرنا في الأشجار والثِّمَارِ بِلاَ فَرْقٍ.
قال الغزالي: أَمَّا الزِّيَادَةُ المُلْتَحَقَةُ بِالمَبِيع من خَارجٍ يُنْظَرُ إنْ كَانَ عَيْناً مَحْضاً كَمَا لَوْ بَنَى المُشْتَرِي أَوْ غَرَسَ فَعَلَى ثَلاَثةِ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ فَاقِدُ عَيْنِ مَالِهِ، وَالثَّانِي: أنَّهُ يُبَاعُ الكُلُّ فَيُوَزَّعُ بِهِ عَلَى نِسْبَةِ القِيمَةِ، وَالأَصَحُّ: أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى العَيْنِ وَتَخَيُّرُ فِي الغِرَاسِ بَيْنَ أن يَبْذُلَ قِيمَتَهُ وَبَيْنَ أن يَغْرَمَ أَرْشَ النُّقْصَانِ أَوْ يَبْقَى بأُجْرَةٍ.
قال الرَافِعِىُّ: النوع الثاني: من الزِّيادات هي الملتحقة بالمبيع من خارج، وتنقسم إلى عين محضة، وإلى صفة محضة، وإلى ما يتركب منهما.
القسم الأول: العين المحضة، ولها ضربان:
أحدهما: أن تكون قَابلَةً للتمييز عَنِ المَبِيع، كما إذا اشْتَرى أرْضاً فغرس فِيها أو بني، ثم أفلس قبل تَوْفِيه الثَّمَنِ.
واعلم أن منقول المُصنِّف، وشيخه في المسألة يخالف منقول جُمْهُور الأَصْحَاب على طبقاتهم، فنذكر منقولهم الذي عليه الاعتماد، ثم نعود إلى ما نقلاه، قال الأصحاب: إذا اختار البائع الرجوع في الأَرْضِ نظر إن اتفق الغرماء والمُفْلس على القلع وتفريغ الأرْضِ وتسليمها بيضاء رجع فيها، وهم يستقلون بالقلع، وليس له أن يلزمهم أخذ قيمة الغراس، والبناء ليتملكها مع الأَرْض، وإذا قلعوا الغراس والبناء وجب تسوية الحَفْر من مَالِ المفلس، فإن حدث في الأَرْض نقصٌ بالقَلْع وجب أَرْشُ النَّقْص في مَالِه، ويضارب البائع به، أو يقدم على سَائِر الديون. في"المهذب" و"التهذيب": أنه يقدّم؛ لأنه لتخليص مَاله وإصلاحه، وذكر الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: أنه يضارب مع الغُرَماء، وإن قال المُفْلِس: يقلع، وقال الغُرَمَاء: يأخذ القيمة من البَائِع ليتملكه، أو بالعكس أو وقع هذا الاختلاف بين الغرماء.
قال القاضي ابْنُ كِجٍّ: يجاب مَنْ فِي قوله المَصْلَحة، وإن امتنعوا جميعاً من القَلْع لم يجبروا عَلَيْهِ، لأنه حين بني وغرس لم يكن متعدياً، وحينئذ ينظر: إن رجع على أنَ يتملك البناء والغِرَاس مع الأرض بقيمتها، أو يقلع وَيَغْرم أَرْشَ النقص فله ذلك؛ لأن الضَّرَرَ يندفع عن الجانبين بِكُلِّ واحدٍ من الطريقين، والاختيار فيهما إليه، ولَيْسَ للمُفلِسِ والغرماء الامتناع من القَبُولِ؛ لأن مال المُفْلِسِ مُعَرَّضٌ للبيع، فلا يختلف غرضهم بين أن يتملكه البائع، أو يشتريه أجْنَبِيٌّ، ويخالف هذا ما إذا زرع المشتري الأرض، وأفلس

الصفحة 54