كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 5)
قال ابن الحَدَّادِ: لهم بالشفعة، وهذا يخالف الأصل الذي سبق فإنهم إذا ملكوا التركة صار جميع الدار ملكهم، فيكون المبيع جزءًا من ملكهم.
واختلف من بعده. فمنهم من أخذ به، وقال ما يباع في ديونه ووصاياه بمثابة ما يبيعه بنفسه، ولو باعه في حياته بنفسه كان لهم الشفعة فكذلك هاهنا. والأكثرون خالفوه وجروا على قضية ذلك الأصل، ثم منهم من خطَّأه، وقال: إنما ينتظم هذا الجواب على قولنا: إن الدين يمنع ملكهم، فيستحقون الشفعة بالملك القديم.
وعن الشيخ أبِي زَيْدٍ حمل كلامه على ما إذا باع بنفسه في مرض موته، ومن "مولدات" ابْنِ الحَدَّادِ دار بين ثلاثة لأحدهم نصفها، ونصفها بين الأخيرين بالتسوية، فاشترى صاحب النصف نصيب أحد الآخرين، ثم باع ثلث ما معه مطلقًا من أجنبي، والشريك الثالث غائب مثلاً.
فاعلم أن الشفيع في المبيع الثاني وهو الشريك الثالث لا غير. وأما في الأول فيتعلق النظر بأصلين:
أحدهما: الخلاف الذي سبق في أن المشتري إذا كان أحد الشركاء تكون الشفعة بينه وبين الشريك الآخر أو يختص بهذا الشريك الآخر.
والثاني: عود القولين في أن الشفعة على عدد الرءوس أو الحصص، إذا حكمنا بالشركة، إذا عرفت ذلك، فإذا قدم الغائب، وفرعنا على قسمة بينه وبين المشتري، وهو الأصح، نظرنا إن طلب الشُّفعة في العقد الأول فله مما اشتراه الشريك، على قولنا بالتوزيع على عدد الرءوس النصف، وهو ثمن جميع الدار، وذلك شائع فيما معه، وهو ثلاثة أرباع الدار، فإذا باع ثلث ما معه كان بائعًا ثلث حق الشفيع، ولا يتصرف إلى الشريك ما يستقر ملكه فيه؛ لأن الكل قابل للبيع، فيأخذ القادم من الشريك ثلثي الثَّمن، ومن المشتري منه ثلث الثمن، فيتم له ما استحقه بالعقد الأول.
وإن قلنا بالتوزيع على الحِصَص، فله مما اشتراه الشريك الثلث؛ لأن ملكه قدر نصف ملك الشريك، وحينئذ فله نصف سدس الدار، فيأخذ من الشريك ثلثي نصف السدس، ومن المشتري منه ثلثه، لما ذكرنا من الشُّيوع، فعلى القول الأول يخرج الحساب من أربعة وعشرين؛ لأن نصيب الغائب سدس ما معه، وهو الثلاثة أرباع الدار، فيحتاج إلى عدد لثلاثة أرباعه سدس، فتضرب أربعة في ستة تكون أربعة وعشرين، وعلى الثاني من ستة وثلاثين؛ لأن نصيب الغائب تسع ما معه، فيحتاج إلى عدد لثلاثة أرباعه تسع، فتضرب أربعة في تسعة يكون ستة وثلاثين، والربع الذي اشتراه الشريك على التقدير الأول ستة وعلى الثاني تسعة، ثم إذا أخذ ذلك، فله أن يأخذ ما بقي من يد المشتري بالعقد الثاني، وله أن يعفو فيكون للمشتري الخيار بين أن يفسخ
الصفحة 548
557