كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

والثاني: أن الأَرضَ والبناء يباعان معاً دفعاً للخُسْرَانِ عن المفلس كما يفعل بالثَّوْبِ المصبوغ.
والثالث: أنه يرجع في الأَرْضِ ويتخير بين ثلاث خِصَالٍ، تملك البناء والغِرَاس بالقيمة، أو قلعهما مع غرامة أَرْشِ النقصان أو إبقاؤهما بأجره المثل يأخذها من مِلْكَيْهِمَا، وإذا عين واحدة من هذه الخِصَال فاختار المفلس والغرماء غيرها، أو امتنعوا من الكل فوجهان في أنه يرجع إلى الأَرْضِ ويقلع مجاناً، أو يجبرون على ما عينه؟
والرَّابعُ: حكاه عن رواية العراقيين: أنه إن كانت قيمة البِنَاء أكثر فالبائع فَاقِد عَيْنِ مَالِهِ، وإن كانت قيمة الأرض أكثر فَوَاجدٌ، وتابعه صَاحِبُ الكتاب وغيره من أصْحَابِهِ، واقتصروا على الأقوال الثلاثة الأُولى، وأنت إذا تَأَمَّلْتَ هذا الكلام بعد وقوفك على المذهب المعتمد، وتصفحك عن كتب علمائنا ورأيت ما بَيْنَهُما من المخالفة الصَّريحة قضيت منه العجب، وقلت: ليت شعري من أين أخذت هذه الأقوال؟ ثم حفظت لسانك استعمالاً للأدب. والله أعلم. وبه التوفيق.
فرع: اشترى الأرضَ من رَجُلٍ، والغراسَ من آخر، وغرسها فيها ثم أفلس، فلكل واحد منهما الرجوع إلى عَيْنِ ماله، ثم إذا رَجَعَا فإن أراد صاحب الغراس البيع مُكِّن منه، وعليه تسوية الحَفْرِ وأرش نقص الأرض إن نقصت، وإن أراده صَاحِب الأرض فكذلك إن ضَمن أرش النَّقْص، وإلا فوجهان:
أحدهما: المنع؛ لأنه غرس بحق فلا يقلع من غير غرامة، كما لو كان للمُفْلِس.
والثاني: الجواز؛ لأنه باع الغراس مقلوعاً فيأخذها كذلك.
قال الغزالي: فَإِنْ لَمْ تَقْبَلِ الزِّيَادَةُ التَّمْيِيزَ كَمَا لَوْ خَلَطَ مَكِيلَةَ زَيْتٍ بِمَكِيلَةٍ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ أَرْدَأ مِنْهُ رَجَعَ (و) البَائِعُ إلَى مَكِيلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ خَلَطَ بِأَجْوَدَ فَهُوَ فَاقِدٌ عَلَى قَوْلٍ، وَيُبَاعُ عَلَى قَوْلٍ وَيُوَزَّعُ عَلَى نِسْبَةِ القِيمَةِ، وَعَلَى قَوْلٍ يُقَسَّمُ المَكِيلُ عَلَى نِسْبَةِ القِيمَةِ، وَالفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرْدَإِ أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ نُقْصَانِ الصِّفَةِ يُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ عَيْناً فِي حَقِّ البَائِعِ فَيُقَالُ لَهُ: إِمَّا أَنْ تَقْنَعَ بَالمَبِيعِ بِعَيْبٍ أَوْ تُضَارِبَ، وَتَضْيِيعُ جَانِبِ المُشْتَرِي لاَ وَجْهَ لَهُ هَذَا هُوَ النَّصُّ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ التَّسْوِيَةُ.
قال الرَّافِعِيُّ: الضرب الثاني: ألا تكون الزيادة قابلةً للتمييز كخلط ذوات الأمثال بعضها ببعض، فإذا اشترى صَاعَ حِنْطَةٍ، وخلطه بصاع حنطة، أو مكيلة زَيْتٍ، وخلطه بمكيلة زَيْت، ثم أفلس، نظر إن كان المخلوطُ به مثل المبيع فللبائع الفَسْح، وتملك مكيلته من المخلوط، وطلب القِسْمة، فإن طلب البيع فهل يُجَاب إليه؟ فيه وجهان:

الصفحة 56