كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

فألحق شَعْرِ الإِبِطِ بِشَعْرِ العانة، ولم يلحق به اللَّحْية والشَّارِب، ولا أثر لِثِقَلِ الصَّوْت ونهود الثَّدْي ونتوء طرف الحُلقوم وانفراق الأرنبة، كما لا أثر لاخضرار الشَّارِب، وفي "التتمة" طرد الخِلاَف فيها.
وأما القسم الثاني وهو ما يختص بالنساء فشيئان:
أحدهما: الحَيْضُ في وقت الإمكان بُلوغٌ، واحتج له بما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لأسماء بنت أبي بكر: "إِنَّ الْمَرْأَة إِذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لاَ يَصْلُحُ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَأَشَارَ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ" (¬1) علق وجوب السَّتْر بالمحيض، وذلك نوع تكليف، وبما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال:"لاَ تَقْبَلُ الله صَلاةَ حَائِضٍ إِلاَّ بِخِمَارٍ" (¬2).
أشعر بأنها بالحَيْضِ كلفت بالصَّلاَةِ.
والثاني: الحَبَلُ يوجب البلوغ، لأنه مسبوق بالإِنْزَالِ، لكن الولد لا يستيقن ما لم تَضَع، فإذا وضعت حكمنا بحصول البُلوغ قبل الوَضْعِ بستة أشْهُر وَشَيْءٍ؛ لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر، فإن كانت مطلقة فأتت بِوَلَدٍ يلَحق الزَّوْجَ حكمنا ببلوغها قبل الطَّلاَق.
فرع: الخنثى المشكل إذا خرج من ذَكَرِه ماء وهو على صفة المَنِيّ، ومن فرجه دَمٌ وهو على صفة الحيض، فهل نحكم ببلوغه؟ فيه وجهان:
أصحهما: نعم؛ لأنه إما ذكر وقد أَمْنَى، أو أنثى وقد حاضت.
والثاني: لا؛ لتعارض الخارجين وإسقاط كل واحد منهما حكم الآخر، ولهذا لا يحكم والحالة هذه بالذكورة ولا بالأنوثَة هذا ما نسبه القَاضِي ابْنُ كَجٍّ إلى ظاهر نَصِّ الشَّافعي.
وإن وجد أحد الأمرين دُونَ الثَّانِي، أو أمنى وَحاضَ مِنَ الفَرْجِ، فجواب عامة الأصحاب أنه لا يحكم ببلوغه لجواز أن يظهر من الفَرْجِ الآخر ما يعارضه، وقال الإمام وهو الحق: ينبغي أن يحكم بالبلوغ بأحدهما، كما يحكم بالذكورة والأنوثة، ثم إن ظهر خِلاَفُه غيرنا الحُكْمَ، وكيف ينتظم منا أن نحكم بأنه ذكر أو أنثى ولا نحكم بأنه قد بلغ.
قال الغزالي: وَأَمَّا الرُّشْدُ فَهُوَ أن يَبْلُغَ صَالِحاً في دِينِهِ مُصْلِحاً لِدُنْيَاهُ، فَإِذَا اخْتَلَّ
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود (4104) من حديث خالد بن دريك عن عائشة رضي الله عنها، وهذا مرسل، فخالد لم يدرك عائشة رضي الله عنها، وفيه أيضاً سعيد بن بشير، قال البخاري يتكلمون في حفظه وهو يحتمل، وقال ابن القطان خالد مجهول الحال وهذا ليس بسديد. انظر التلخيص (3/ 43).
(¬2) تقدم.

الصفحة 71