كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

فولد التَّاجر يختبر في البَيْعِ والشراء والمُمَاكَسَة.
وولد الزَّارع في أمر الزِّراعة والإنفاق (¬1) على القَوَّام فيها.
والمُحْتَرِف فيما يتعلق بحرفته.
والمرأة في أمر القطن والغَزْلِ (¬2)، وحفظ الأقمشة، وصون الأطعمة عن الهِرَّة والفأرة، وما أشبهها من مَصَالِحِ البَيْتِ.
ولا تكفي المَرَّة الواحدة في الاختبار؛ بل لاَ بُدَّ من مرتين وأكثر على ما يليق بالحال، ويفيد غلبة الظنِّ بكونه رَشِيداً، وفي وقت الاختبار وجهان:
أحدهما: ما بعد البلوغ؛ لأن تصرفه في الصِّبَا غيرُ نافذ.
وأظهرهما: أنه قَبْلَه؟ لقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} (¬3). واسم اليتيم إنما يقع على غير البَالِغِ، وعلى هذا فكيف يختبر؟ فيه وجهان:
أصحهما: أنه يدفع إليه قدراً من المَالِ ويمتحنه في المماكسة والمُسَاوَمة، فإذا آل الأمر إلى عَقْدٍ عَقَدَهُ الوَلِيُّ؛ لأن تصرف الصبي لاَ ينفذ.
والثَّاني: يصح منه العقد أيضاً في هذا الغَرَض للحاجة وقد أشرنا في أول البيع إلى هذا.
ولو تلف المالُ المدفوع إليه للاختبار في يَدِهِ فلا ضمان على الوَلِيّ (¬4) إذا تقرر ذلك فننظر إن بلغ الصَبِيُّ غير رَشِيدٍ إما لاختلاف الصَّلاح في الدِّين، أو إصلاح المَالِ، بقي محجوراً عليه، ولم يدفع إليه المَال، وقال أبو حنيفة: إن بلغ مفسداً للمال مُنِعَ
¬__________
(¬1) المراد بالانفاق إعطاء الأجرة لا الإطعام، فإن الاستئجار به لا يصلح والتبرع به من مال المحجور ممتنع نعم أن قصدت إدخال العبيد والدواب فاحمل النفقة على ما هو أعم. الزراع بشديد الراء هو المكث للزرع وعبارة المحرر وغيره من كتب الرافعي المزارع بالميم وفي بعضها الزارع على وزن الضارب. وقد أشار في الدقاثق إلى ذلك فقال قول المنهاج يختبر ولد الزراع بالزراعة أعم من قول غيره المزارع. هذا لفظه، وهو صحيح إن كان اللفظ الذي نقله عن غيره هو المزارع بالميم، فإن كان على وزن الضارب فهو أعم من الزراع على عكس ما قاله هذا كله.
(¬2) الغزل يطلق على المغزول وعلى المصدر أيضاً تقول غزلت المرأة المرأة القطن غزلاً. قاله الجوهري. والظاهر إنما أراد به المصنف المصدر وأراد بالقطن صونه وتهيئته ونحو ذلك. والهرة هي الأنثى وجمعها هرر على وزن قربة وقرب، وإذا جمعت المذكر أتيت فيه بالهاء كقرد وقردة.
(¬3) سورة النساء (6).
(¬4) قال النووى: والصبي الكافر كالمسلم في هذا الباب فيعتبر في صلاح دينه وماله ما هو صلاح عندهم صرح به القاضي أبو الطيب وغيره. ينظر الروضة 3/ 415.

الصفحة 73