كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

من الأمرين، والإطلاق هاهنا متيقن، فلا يعاد الحجر إلَّا بتيقن احتلال الرشد، وذلك يعود للمعنيين جميعاً، وهذا قريبٌ من لفظه في الوَسِيط، وقضية خروج الصَّلاح في الدِّين، وإصلاح المَالِ عن أن يكون حقيقة الرشد، واعتبارها للاستدلال بهما على حصول الرُّشْدِ.
واعلم أن كلام المُصَنِّف هاهنا، وفي "الوسيط" مُصَرح بأن عود مجرد الفِسْق والتبذير لا أثر له، وإنما المُؤَثِّر في عود الحَجْرِ، أو إعادته عَوْدُ الفِسْق والتبذير جميعاً، وليس الأمر كَذَلِك، بل الأَصْحَاب -رضي الله عنهم- مطبقون على أن عود التبذيرِ وَحْده كَافٍ في عَوْدِ الحَجْرِ، أو إعادته كما سبق بيانه (¬1). وقوله: (ثم يلي أمره القاضي أو وليد في الصبي، فيه وجهان) موضع الوجهين ما إذا قلنا: إن الحجر يعود بنفسه، أما إذا قلنا: إن القَاضِي هو الذي يعيدهُ، فهو الذي يَلِي أمره بلا خلاف.
وقوله: (فصرف المال إلى وجوه البر ليس بتبذير) يمكن إعلامه بالواو للتفصيل المنقول عن الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ. وقوله: في الصرف إلى الأطعمة النفيسة (إنه تبذير) يجب إعلامه بالواو، ومعرفته أن الأظهر عند الأئمة -رحمهم الله- خلاف ما ذكره.
وقوله: (فإذا انضم الفسق إليه أوجب الحجر) بناء على ما قدمه من اعتبار اجتماع الأمرين، وقد عرفت أن الصَّحِيحَ المعتمد خلافه.
فرع: لو كان يُغْبَن في بعض التصرفات خَاصَة، فهل يحجر عليه حَجْراً خاصاً في ذلك النوع؟ فيه وجهان، لبعد اجتماع الحَجْرِ والإطلاق في الشَّخْصِ الوَاحِدِ.
فرع: الشحيح على نفسه جداً مع اليسار، قال في "البيان": فيه وجهان عن الصيمري، والأصح المنع.
قال الغزالي: ثُمَّ فَائِدَةُ الحَجْرِ سَلْبُ اسْتِقْلاَلِهِ في التَّصَرُّفَاتِ المَالِيَّةِ كَالبَيْع وَالشِّرَاءِ (و) وَالإِقْرَارِ بِالدِّيْن (م)، وَكَذَا الهِبَةُ، وَفِي سَلْبِ عِبَارَتهِ عِنْدَ التَّوْكِيلِ بِهِ خِلاَفٌ، وَعَلَيْهِ يُبتَنَى صِحَّةُ قَبُولهِ الوَصيَّةَ وَالهِبَةَ، وَلاَ حَجْرَ عَلَيْهِ فِيمَا لاَ يَدْخُلُ تَحْتَ الحَجْرِ كَالطَّلاَقِ وَالظِّهَارِ وَالخُلْعِ وَاسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ وَنَفْيهِ وَالإقْرَارِ بِمُوجِبِ العُقُوَبَاتِ؛ لِأَنَهُ مُكَلَّفٌ وَالوَلِيُّ لاَ يَتَوَلَّى ذَلِكَ فَلاَ بُدَّ وأَنْ يَتَوَلاَّهُ بِنَفْسِهِ، وَالأَصَحُّ: أنَّهُ لاَ يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ بِإِتْلاَفِ مَالِ الغَيْرِ كَالصَّبِيِّ، وَيَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ بِالحَجِّ ثُمَّ يُمْنَعَ الزَّادَ إنْ لَمْ يَكُن فَرْضاً عَلَيْهِ، ثُمَّ حُكْمُهُ حُكْمُ
¬__________
(¬1) قال النووي: أما "الوجيز"فهو فيه كما نقله عنه وكذا في أكثر نسخ "الوسيط" وفي بعضها حذف هذه المسألة وإصلاحها على الصواب وكذا وجد في أصل الغزالي وقد ضرب على الأول وأصلحه على الصواب. ينظر الروضة 3/ 417.

الصفحة 76