كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

فإن قلنا: لا يصح، فقد سلبنا بالحَجْرِ عبارته.
وإن قلنا: يصح، فالمسلوب هو الاستقلال، وعلى الوجهين يخرج ما إذا وكله غيره بِشَيْءٍ من هذه التصرفات، هل يصح عَقْدُه للموكل؟ وفيما إذا اتَهب، أو قبل الوصية لِنَفْسِه (¬1). ولو أودعه إنسانٌ شيئاً فلا ضمان عليه لو تلف عنده، ولو أتلفه فقولان كما لو أودع صبياً.
الثانية: لو أقر بدَيْن معاملة لم يقبل، سواء أسنده إلى ما قبل الحَجْرِ أو بَعْدَه كالصَّبِي، وفيما إذا أسنده إلى ما قبل الحَجْرِ، وَجه أنه يقبل تخريجاً من الخِلاَف، في أن المفلس إذا أقر بدين سَابِقٍ على الحَجرِ، هل يزاحم المقر لَهُ الغُرَمَاء؟ ولو أقر بإِتْلاَفِ مالٍ أو جنايةٍ توجب المَالَ فقولان:
أحدهما: يقبل؛ لأنه لو أثبتنا الغصب أو الإتلاف يَضْمن، فإذا أَقَرَّ بِهِ يُقْبَل.
وأصحهما: الرد كما لو أقر بدَيْنِ مُعَامَلَةٍ، ولا يؤخذ بعد فَكِّ الحَجْرِ عنه بما أقر به ورددناه، ولو أقر بما يوجب عليه حداً أو قصاصاً قُبِلَ؛ لأنه مُكَلَّف، ولا تعلق لهذا الإقرار بالمال متى يتأثر بالحَجْرِ، ولو أقر بِسَرِقَةٍ توجب القَطع قُبِلَ قَوْلُه في القَطْعِ، وفي المَالِ قولان كالعَبْدِ إذا أَقرَّ بِسَرِقَةٍ، هذا إن قلنا: لا يقبل إقراره بدين الإتْلاَف فإن قلنا: فأولى أن يُقْبَل هاهنا.
ولو أقر بقصاص، فعفى المُسْتَحِق على مَالٍ فالصحيح يَنُوب المال؛ لأنه يتعلق باختيار الغَيْرِ لا بإقراره، ولو أَقَرَّ بِنَسَبٍ ثبت النَّسَبُ، وينفق على الوَلَدِ الذي استلحقه من بيت المال. ولو ادعى علية دين معامله لزمة قبل الحجر، وأقام عليه بينة سُمِعَت، وإن لم يكن بينة.
فإن قلنا: إن النكول ورد اليمين كالبينة سُمِعَت.
وإن قلنا: كالإقرار فلا؛ لأن غايته أن يقر، وإقراره، غير مقبول.
الثالثة: يصح منه الطَّلاق؛ لأنه لا يدخل تحت حجر الولي وتصرفه، ألا ترى أن الوَلِيَّ لا يطلق أصلاً؟ بل المحجور عليه يطلق بنفسه إذا كان مكلفاً كالعَبْدِ، وأيضاً فإن الحَجْرَ لإبقاء مَالِهِ عليه والبضع ليس بِمَالٍ، ولا هو جَارٍ مجرى الأموالِ، ألا ترى أنه لا ينتقل إلى الوَرَثَةِ، ولا يمنع المَرِيض من إزالة المَالِ عَنْه؟ وإِذَا صَحَّ الطلاق مجاناً فالخُلْعُ أولى بالصَّحَة، وكذلك يَصِحّ منه الظَّهَارُ والرَّجْعَةُ، وَنَفْيُ النَّسَب باللّعَانِ وما أشبهه؛ لأن هذه العقود لاَ تَعَلُّقَ لَهَا بِمَالٍ.
¬__________
(¬1) قال النووي: الأصح صحة اتهامه وبه قطع الجرجاني. ينظر الروضة 3/ 418.

الصفحة 78